وأما المعنى فوجهان:
أحدهما: أن الرخصة لليسر وقد تعين اليسر في القصر بيقين فلا يبقى الإكمال إلا مؤنة محضة ليس فيها فضل ثواب، لأن الثواب في أداء ما عليه، فالقصر مؤنة السفر من الإكمال، كقصر الجمعة مع إكمال الظهر، فوجب القول بالسقوط أصلاً.
الثاني: أن التخيير إذا لم يتضمن رفقًا كان ربوبية، وإنما للعباد اختيار الأرفق فإذا لم يتضمن رفقا كان ربوبية ولا شركة له فيها (١) .
وجاء في المنثور في القواعد للزركشي:
تنقسم الرخص إلى أقسام:
أحدها – رخصة واجبة:
كحل الميتة للمضطر، وقيل: لا يجب الأكل بل له الصبر حتى الموت.
قال (الكيا الهراسي) الطبري في أحكام القرآن: الصحيح عندنا أن أكل الميتة للمضطر عزيمة لا رخصة، كالإفطار في رمضان للمريض (أحكام القرآن ١ / ٧٤) وكذلك إساغه اللقمة بالخمر إن لم يجد غيرها.
ومنه: استدامة لبس الخف إن لم يجد من الماء ما يكفيه، كما لو كان المحدث لابس خف بشرائطه ودخل وقت الصلاة ووجد من الماء ما يكفيه لو مسح على الخف، ولا يكفيه لو غسل رجليه فإنه يجب عليه المسح على الخف قطعًا – كما نقله صاحب البحر في باب التيمم – لأنه قادر على الطهارة من غير حذر..
ومنه التيمم لفقد الماء أو للخوف من استعماله إذا جعلناه رخصة، وهو ما أورده الإمام والرافعي.
والثاني: أنه عزيمة وهو ما أورده البندنبجي.
والثالث: التفصيل بين التيمم لعدم الماء فعزيمة، أو للمريض، أو بعد الماء عنه أو بيعه بأكثر من الثمن فرخصة وهو ما أورده الغزالي في المستصفى..
الثاني – رخصة فعلها أفضل:
وقال النووي: مستحبة: كقصر الصلاة في السفر، والفطر لمن شق عليه الصوم. وعد بعضهم منه مسح الرأس في الوضوء أفضل في الغسل مع أنه رخصة.
وعد النووي منه – في كتاب الأصول والضوابط – الإبراد بالظهر في شدة الحر.
(١) البزدوي: كشف الأسرار ٢ / ٥٩٦.