لا يمنع مانع شرعي من جواز اتباع المقلد رخص المذاهب، بأن يأخذ من كل منها ما هو الأهون عليه فيما يقع من المسائل، إذ للإنسان أن يسلك الأخف عليه إذا كان إليه سبيل بأن لم يكن عمل بآخر فيه.
والغالب أن مثل هذه الإلزامات من الفقهاء لكف الناس عن تتبع الرخص وإلا أخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد قوله أخف عليه.
وقال ابن أمير حاج معلقا: وأنا لا أدري ما يمنع هذا من العقل والسمع وكون الإنسان يتبع ما هو أخف على نفسه من قول مجتهد مسوغ له الاجتهاد – ما علمت من الشرع ذمه عليه.
واستدل ابن الهمام بقوله:((كان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف عليهم – أي عن أمته.))
مقالة ابن عبد البر والرد عليها: قال ابن أمير حاج:
قلت لكن ما عند ابن عبد البر: من أنه لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعًا – إن صح احتاج إلى جواب.
ويمكن أن يقال: لا نسلم صحة دعوى الإجماع.
نقول ... لماذا؟ بل ما يترتب على صحتها.. يجب: إذ في تفسيق المتتبع للرخص عند الإمام أحمد روايتان.
قلت: ولا يخفى أن دعوى الإجماع بعد مقالة الإمام أحمد لا تصح..
وهنا يورد ابن أمير حاج: أن القاضي أبا يعلى حمل الرواية المفسقة على غير متأول.
وذكر بعض الحنابلة: إن كان قوي الدليل، أو كان عاميا لا يفسق.
ثم استدل ابن أمير حاج بما ورد عن الإمام النووي الشافعي في الروضة قال: وفي روضة النووي (الشافعي) وأصلها – أي تلك الرواية – عن حكاية الحناطي وغيره عن أبن أبي هريرة: أنه – أي متتبع الرخص – لا يفسق به.