للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لعله محمول على ما يجتمع له من ذلك ما لم يقل بمجموعه مجتهد.

ثم قال الكمال بن الهمام: قيد جواز تقليد غير إمامه متأخر – وهو العلامة القرافي المالكي – بأن لا يترتب على تقليد غيره ما يجتمع على بطلانه كلا الإمامين.

وصورته: من قلد الشافعي في عدم فرضية الدلك للأعضاء المغسولة في الوضوء بالغسل وقلد مالكًا في عدم نقض اللمس بلا شهوة للوضوء فتوضأ ولمس بلا شهوة وصلى: إن كان الوضوء بدلك صحت صلاته عند مالك. وإن كان الوضوء بلا دلك بطلت عند كل من الإمام مالك والشافعي.

ثم خرج ابن باد شاه على هذه المسألة صورة مسألة أخرى قال:

جاء في غير ما كتاب من الكتب المذهبية المعتبرة:

إن المستفتي إن أمضى قول المفتي لزمه وإلا فلا، حتى قالوا: إذا لم يكن الرجل فقيهًا فاستفتى فقيهًا فأفتاه بحلال أو حرام ولم يعزم على ذلك حتى أفتاه فقيه آخر بخلافه فأخذ بقوله وأمضاه، لم يجز له أن يترك ما أمضاه فيه ويرجع إلى ما أفتاه به الأول؛ لأنه لا يجوز له نقض ما أمضاه مجتهدًا كان أو مقلدًا.

وجه هذا القول: لأن المقلد متعبد بالتقليد.

كما أن المجتهد متعبد بالاجتهاد.

ثم كما لم يجز للمجتهد نقض ما أمضاه، فكذا لا يجوز للمقلد. لأن اتصال الإمضاء بمنزلة اتصال القضاء يمنع النقض فكذا اتصال الإمضاء (١) .

وقال صاحب مسلم الثبوت في تتبع الرخص الممنوع (٢) : إنما يحظر تتبع الرخص للتلهي. مثاله: عمل حنفي بالشطرنج على رأي الشافعي – قصد اللهو. كشافعي شرب المثلث للتلهي به.

ولعل هذا حرام بالإجماع، لأن التلهي حرام بالنصوص القاطعة.

وعليه:

اختلف العلماء في حكم تتبع الرخص: قال أبو إسحاق المروزي: يفسق. وقال ابن أبي هريرة: لا يفسق.

قال الإمام أحمد بن حنبل: لو أن رجلاً عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع، وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا.


(١) أمير باد شاه: على هامش التحرير ٣ / ٣٥٣.
(٢) البهاري: مسلم الثبوت ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>