للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يصح القول بالتخيير على حال، فاختيار أحد المذهبين بالهوى والشهوة مضاد للرجوع إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وذلك يفضي إلى تتبع رخص المذاهب من غير استناد إلى دليل شرعي، وقد حكى ابن حزم الإجماع على أن ذلك فسق لا يحل، وأيضا فإنه مؤد إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها.

وجه هذا القول: لأن حاصل الأمر مع القول بالتخيير – أن للمكلف أن يفعل إن شاء ويترك إن شاء، وهو عين إسقاط التكليف. بخلاف ما إذا تقيد بالترجيح فإنه متبع للدليل فلا يكون متبعا للهوى ولا مسقطًا للتكليف (١) .

- إن الفقيه لا يحل له أن يتخير بعض الأقوال بمجرد التشهي والأغراض من غير اجتهاد، ولا أن يفتي به أحدًا.

- والمقلد في اختلاف الأقوال عليه مثل هذا المفتي الذي ذكر. إن المتخير بالقولين بمجرد موافقة الفرض: إما أن يكون حاكمًا به، أو مفتيًا، أو مقلدًا عاملاً بما أفتاه به المفتي.

١- أما الحاكم المتخير بين القولين: لا يصح له ذلك على الإطلاق.

وجه هذا القول: لأن الحاكم إن كان متخيرًا بلا دليل لم يكن أحد الخصمين بالحكم له أولى من الآخر. إذ لا مرجع عنده بالغرض إلا للتشهي، فلا يمكن إنفاذ حكم على أحدهما إلا مع الحيف على الآخر.

٢- وأما المفتي: إذا أفتى بالقولين معًا على التخيير فقد أفتى في النازلة بالإباحة وإطلاق العنان له أن يعمل بأحدهما وهذا قول ثالث غير نفس القولين الدائرين بين النفي من قائل: والإثبات من القائل الآخر، وهذا لا يجوز له.


(١) الشاطبي: الموافقات ٤ / ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>