للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في (التقرير على التحرير) : وحمل القاضي أبو يعلى الرواية المفسقة على غير متأول ولا مقلد (١) .

وذكر بعض الحنابلة: إن قوي الدليل أو كان عاميا لا يفسق.

وفي روضة النووي: واصلها عن حكاية الحناطي وغيره عن ابن أبي هريرة أن لا يفسق به.

ثم لعله محمول على نحو ما يجتمع له من ذلك ما لم يقل بمجموع مجتهد. فأين الإجماع بعد هذا؟ !

وما أورد أنه يلزم على تقدير جواز الأخذ بكل مذهب احتمال الوقوع في خلاف المجمع عليه إذ ربما يكون المجموع الذي عمل به لم يقل به أحد فيكون باطلاً إجماعًا.. كمن تزوج بلا صداق عملاً بقول الإمامين أبي حنيفة والشافعي: ولا شهود، اتباعًا لقول الإمام مالك ولا ولي، على قول الإمام أبي حنيفة – فهذا النكاح باطل اتفاقًا. أما عندنا فلانتفاء الشهود، وأما عند غيرنا فلانتفاء الولي، فهو مندفع لعدم اتحاد المسألة، وإن الإجماع على نفي القول الثالث إنما يكون إذا اتحدت المسألة حقيقة أو حكمًا.

ولأنه لو تم لزم استفتاء مفت معين وإلا احتمل الوقوع فيما ذكر.

فأنت ترى أن يؤخذ من هذا أن مسألة التلفيق مبنية على مسألة إحداث قول ثالث، فهو إنما يمتنع إذا تحقق أن المجموع الذي عمل به مخالف لإجماع جميع المجتهدين بحيث لو وجد مجتهد لم يجز له أن يقول بهذا المجموع، وهيهات أن يتحقق ذلك.

(فصل)

التقليد بعد الفعل

قال ابن الهمام: (لا يرجع فيما قلد فيه (أي عمل فيه) اتفاقا) .

قال الشرنبلاني: قلت: لا يمنع ذلك ما قلته من صحة التقليد بحمل المنع على خصوص الجنس، معناها الرجوع في خصوص العين لا خصوص الجنس بما فعله مقلدًا في فعله إمامًا كصلاة ظهر يمسح ربع الرأس له إبطالها باعتقاده بعدم إتمام للزوم مسح كل الرأس.

وهذه المسألة ذكرها ابن الحاجب والآمدي وتبعه في جمع الجوامع وغيره ونصه: (المراد بالعامي من لم يكن مجتهدًا) .

أي العامي غير المجتهد إذا عمل بقول مجتهد في حكم مسألة فليس له الرجوع اتفاقا.

وجه هذا القول: لأن المقلد قد التزم ذلك القول بالعمل به، أما قبل العمل فله الرجوع إلى غيره من المجتهدين.


(١) التقرير ٣ / ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>