للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرد:

لكن شارح التحرير (ابن أمير حاج) وابن بادشاه في الحاشية نقلا عن الزركشي تعقبه على الآمدي وابن الحاجب حيث قال: ليس كما قالا، ففي كلام غيرهما ما يقتضي جريان الخلاف بعد العمل أيضا (١) .

وهنا يقول الشرنبلالي: وعليه نقول باتباع القائل: يجوز التقليد بعد العمل بقول من قلده وعمل به. له إبطالها باعتقاده بعدم التمام للزوم مسح كل الرأس.

وجه القول: لأن الرجوع بمعنى منع الشخص من تقليد غير إمامه في شيء يفعله مخالفًا لما صدر منه، كصلاة يوم على مذهب أبي حنيفة، وصلاة يوم آخر على مذهب غيره.

وإن كان المراد بالرجوع، العمل في نظير ما مضى بخلاف معتقد من قلده كما يتراءى من متن التحرير وشرحه ففي كليهما خلافه.

ومع ذلك فقد قيده بأن يبقى أثر يمنع من الفعل لا مطلقا.

وعلى كل من الأمرين يثبت المدعى وهو: جواز تقليد الإمام مالك رضي الله عنه أو غيره فيما يفعل مخالفًا لما فعله على مذهب أبي حنيفة.

وقال الكمال بن الهمام في باب التحكيم: قال: وفي الفتاوى الصغرى يحكم المحكم في الطلاق والمضاف ينفذ لكن لا يفتى به،

وفيها روى عن أصحابنا ما هو أوسع من هذا وهو أنه إذا استفتى أولاً فقيهًا فأفتاه ببطلان اليمين وسعه إمساك المرأة. فإن تزوج أخرى وكان حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها فاستفتى فقيهًا آخر فأفتاه بصحة اليمين فإنه يفارق الأخرى ويمسك الأولى عملا بفتواهما (٢) .

وفي الذخيرة: فيمن تزوج امرأة بغير ولي فطلقها ثلاثًا، فبعث القاضي إلى شافعي ليحكم بينهما ببطلان ذلك النكاح وببطلان الثلاث يجوز، وكذا لو حكما بذلك حكمًا يجوز، ولا يفتي به خشية تجاسر العوام على هدم المذهب.

وكذا من غاب عن امرأته غيبة منقطعة ولم يخلف لها نفقة، فبعث إلى شافعي ليحكم بفسخ النكاح لعجز النفقة يجوز (٣) .

قال: الشرنبلالي: واعلم أنه يصح التقليد بعد الفعل.


(١) الكمال بن الهمام: التقرير – ٣ / ٣٥٠. الشرنبلاني: العقد الفريد، مجلة الفكر تحقيق الباحث السنة الثامنة ص ٥٥.
(٢) شرح فتح القدير ٧ / ٣١٩.
(٣) شرح فتح القدير ٧ / ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>