للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصورة المسألة: إذا صلى ظانًّا صحتها على مذهبه ثم تبين بطلانها في مذهبه وصحتها على مذهب غيره – فله تقليده – ويجزى بتلك الصلاة. على ما قاله في البزازية: روى الإمام الثاني وهو أبو يوسف رحمه الله أنه صلى يوم الجمعة مغتسلا من الحمام وصلى من خلفه بصلاته وتفرقوا ثم أخبر بوجود فأرة في بئر الحمام فقال: إنا نأخذ بقول إخواننا أهل المدينة: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا.

قلت: هذا تقليد مجتهد.

ويؤخذ من قول أبي يوسف هذا، جواب حادثة لرجل من العوام طلق زوجته بلفظ الحرام وأراد عودها إلى عصمته فاستفتى فقيها مالكيًا فأفتاه بالجواز، وعقد عليها بناء على ما نقله بعض فقهاء المالكية أن العمل جرى بالمغرب بأنه يلزم طلقة واحدة بائنة. ثم أفتاه آخر بأن هذا القول لا يجوز به الفتوى في بلاد مصر فاستفتى حنفيا فأفتاه بصحة هذا العقد فإنه يستمر على معاشرتها.

وجاء في (يتيمة الدهر) للخجدني:

شافعي المذهب ترك صلاة سَنَةً أوْ سَنَتَيْنِ ثم انتقل إلى مذهب أبي حنيفة كيف يجب عليه القضاء؟ أيقضيهما على مذهب الشافعي أو على مذهب أبي حنيفة؟

فقال: يقضيهما على أي المذهبين قضى بعد أن يعتقد جوازها جاز (١) .

قال الشرنبلالي: وهذا نص في صحة التقليد بعد العمل بخلاف ما عمل من جنسه.

فتحصل مما ذكرناه أنه لا يجب على الإنسان التزام مذهب معين.

وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدًا فيه غير إمامه مستجمعًا شروطه، ويعمل بأمرين متضادين في حادثين لا تعلق بواحد منهما، ليس للمقلد إبطال فعله بتقليد إمام آخر.

وليس للمقلد إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر، لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا ينقض (٢) .

وقال محمد في أماليه: لو أن فقيها قال لامرأته: أنت طالق البتة، وهو ممن يراها ثلاثا، ثم قضى قاض بأنها رجعية وسعه المقام معها.


(١) الدهلوي: حجة الله البالغة ١ / ١٥٩.
(٢) الشرنبلالي: العقد الفريد – مجلة الفكر الإسلامي العدد ٨ / ص ٥٥ تحقيق صاحب البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>