اختلفوا فيه: فجوزه قوم نظرًا إلى أن التزامه لمذهب معين غير ملزم مذهبه في حكم حادثة معينة. والمختار، إنما هو التفصيل: وهو أن كل مسألة من المذهب الأول اتصل عمله بها فلا مانع من اتباع غيره فيها (١) .
وقال السبكي من الشافعية:
وإذا عمل العامي بقول مجتهد في حادثة: هل له الرجوع عنه أم لا؟ .
المذهب: ليس له الرجوع عنه إلى غيره في مثلها.
وجه القول: لأنه قد التزم ذلك القول بالعمل به، بخلاف ما إذا لم يعمل.
وقيل: يلزمه العمل به بمجرد الإفتاء فليس له الرجوع إلى غير المفتي فيما أفتاه فيه.
وقيل: يلزمه العمل به بالشروع في العمل بخلاف إذا لم يشرع.
وقضية ذلك: أنه لو شرع في العمل ثم أبطله جاز له الرجوع عنه كما أن قضية الاكتفاء بالشروع.. لو أبطله لم يجز له الرجوع لحصول الشروع.
وقيل: يلزمه العمل به إن التزمه، أي صمم على التمسك به. وقال السمعاني: يلزمه العمل به إن وقع في نفسه صحته وإلا فلا.
وقال ابن الصلاح: يلزمه العمل به إن لم يوجد مفت آخر، فإن وجد تخير.
والأصح: جواز الرجوع إلى غيره في حكم آخر.
وقيل لا يجوز: لأنه بسؤال المجتهد والعمل بقوله التزم مذهبه.
والأصح: أنه يجب على العامي وغيره – ممن لم يبلغ مرتبة الاجتهاد – التزام مذهب معين من مذاهب المجتهدين يعتقده أرجح من غيره أو مساويًا له (٢) ...
(١) الآمدي: الأحكام ٤ / ٤٥٨.
(٢) السبكي: جمع الجوامع ٢ / ٤٣٩.