للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى أي حال، فقد يقال إن القائلين بأن التقليد هو الالتزام لا يواجهون هذه المشكلة وفيهم من أمثال صاحب الكفاية (رحمة الله عليه) وصاحب العروة حيث يقول " التقليد هو الالتزام بالعمل بقول مجتهد معين وإن لم يعمل بعد ".

إلا أنه قد يقال هنا: إن الملحوظ في البين هو الطريقية – حتى على رأي هؤلاء – وليس المراد أخذ الالتزام بنفسه موضوعًا حتى يمكن أن تشمله الإطلاقات.

ثم إنه على رأي غالب علماء المذاهب الأربعة لابد من الصيرورة إلى جواز التلفيق أو التبعيض بعد أن لم يشترطوا الأعلمية من جهة، وبعد أن اعتبروا أنها جميعًا موصلة إلى الحق، ولم نعثر على حجة قوية للقائلين برفض التبعيض.

ثم إن السيد الخوئي (رحمه الله) في ذيل هذا البحث فرق بين حالتين: حالة عدم العلم باختلاف الفتويين، وحالة العلم بالاختلاف في مجال العمل بهما في عمل مركب واحد ارتباطي، فأجازها في الأولى ولم يجزها في الثانية حتى على تقدير التعميم في الدليل باعتبار أن صحة الأجزاء الارتباطية ارتباطية أيضًا، فإذا أتى بجزء طبق فتوى واحتمل بطلان ما أتى به واقعًا، وأتى بالجزء الآخر طبق فتوى الآخر واحتمل البطلان؛ فهو يشك في صحة صلاته ولا حجة معتبرة لديه في صحتها، ولا يفتي أي من المجتهدين بصحتها فلا بد من الإعادة وهو معنى البطلان.

والظاهر أن ما قاله المرحوم السيد الحكيم أمتن في البين.

ولم نستطع أن نتبين الفرق بين الحالتين بالنسبة لهذا المورد.

تتبع الرخص:

قلنا: إن هذه المسألة فرع لمسألة التلفيق، فإذا تم ما قيل في جوازه كان هناك مجال للحديث عن موضوع تتبع الرخص، يقول صاحب فواتح الرحموت: " ويتخرج منه، أي مما ذكر أنه لا يجب الاستمرار على مذهب، جواز اتباعه رخص المذاهب. قال في فتح القدير: لعل المانعين للانتقال إنما منعوا لئلا يتتبع أحد رخص المذاهب وقال هو رحمه الله تعالى: ولا يمنع منه مانع شرعي إذ للإنسان أن يسلك الأخف عليه إذا كان إليه سبيل بأن لم يظهر من الشرع المنع والتحريم ... " (١) .

وأضاف صاحب الفواتح: " لكن لابد أن لا يكون اتباع الرخص للتلهي، كعمل حنفي بالشطرنج على رأي الشافعي قصد إلى اللهو، وكشافعي شرب المثلث للتلهي به. ولعل هذا حرام بالإجماع لأن التلهي حرام بالنصوص القاطعة" (٢) .


(١) العروة الوثقى، المسألة الثامنة من أبواب التقليد ص ٤، من طبعة المكتبة العلمية بطهران.
(٢) حاشية المستصفى للغزالي ٢ / ٤٠٤، طبعة دار صادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>