للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الورع – الأخذ بالأحوط: كما بينا سابقًا فإن أكثر أسباب الرخصة (الحالات التي يمكن التحدث فيها من وجود الرخصة) قابلة للتقدير بحسب الأحداث والمكلفين. وهكذا فإن مفهومي الاحتياط والورع مع كونهما من المفاهيم التي فيها واسع من التطبيق فكذلك لها دور بارز في تحديد دخول الأفعال المحرمة في الأصل في إطار الرخصة أو عدم دخولها. من ناحية أخرى فإنه يمكن تفسير تطبيق بعض الصحابة والسلف الصالح للأحكام الشاقة على أنفسهم بأنه (النظر إلى الرخصة على أنها صلاحية) وعدم استعمال الحق المعطى لهم بالرخصة وكذلك محاولة تعويد النفس على المشاقة وتجنب الميوعة والتساهل.

الاستحسان: حتى يمكن التحدث عن الرخصة يجب:

أ) وجود حكم أصلي عام في تلك المسألة، ب) والإشارة إلى حكم مؤقت بدل ذلك الحكم الأصلي العام بسبب الحالات الخاصة المحيطة بالمكلف (التي يمكن اعتبارها أعذارًا) . وينتهي حكم الرخصة عندما ترتفع هذه الحالة. في مقابل ذلك على سبيل المثال مع حكم الفقهاء بعدم صحة العقد بسبب الجهالة (القياس) فإن في بعض الحالات قرر الفقهاء ارتفاع الجهالة وعلة النهي (احتمال النزاع) بسبب وجود عرف مستقر مثلاً، ولذلك أفتوا أيضا بجواز ذلك العقد (الاستسحان) . ونوع الحكم في كلتا الحالتين هو العزيمة. أي أن حكم التحريم في الحالات التي يوجد فيها سبب التحريم وكذلك حكم الجواز في الحالات التي قد زال فيها هذا السبب يعتبر داخلاً في حكم العزيمة وفي أحكام نافذة في حق جميع المكلفين.

حالة الاضطرار وحقوق الآخرين: إن فتح باب الرخصة في الشريعة الإسلامية أمام الشخص المضطر للحفاظ على حياته وتخلصه من بعض المشاق لا يعني إعطاء الصلاحية المطلقة (أن يتصرف كما يريد) . فقبل كل شيء لم يجوز الإسلام قتل الشخص لنفس مصونة أخرى لإنقاذ حياته هو كما حكمت الشريعة الإسلامية بوجوب الضمان في مقابل الأضرار المادية التي يسببها الشخص المضطر للآخرين.

الاستفادة من الرخصة في حالات المعصية: هناك رأيان رئيسيان في مسألة الاستفادة من الرخصة في حالات الاقتران بالمعصية. يرى الأحناف أن هذه الحالة لا تمنع الاستفادة من الرخصة بينما يرى الشافعية والحنابلة والظاهرية عدم جواز الاستفادة من الرخصة في هذه الحالة. أما المالكية فعندهم قولان يوافقان الرأيين المذكورين.

<<  <  ج: ص:  >  >>