للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا من الممكن القيام بتغيير ما يجب تغييره من هذه الحلول المطروحة بتغير الظروف والأوضاع ويدل هذا الأمر على عدم وجود ما يبرر وجوب التزام بمذهب معين في مجال التشريع (التقنين) .

ومن ناحية أخرى يلزم تناول هذا الموضوع من جانب الفرد المسلم أيضا إذا أخذنا بعين الاعتبار تنظيم الفقه الإسلامي لواجبات الشخص نحو ربه بالإضافة إلى المجالات القانونية المعهودة في العصر الحاضر. فرغبة الفرد المسلم تطبيق القواعد المتناسقة فيما بينها في حياته الدينية بمعناه الضيق (في مسائل العبادات ومسائل الحلال والحرام) يعتبر من الأمور الطبيعية.

فكما أن معايشة الفوضى التشريعية بسبب تطبيق أحكام مختلفة لمسائل متشابهة في البلاد التي ليس فيها قانون موحد، مؤد إلى الانزعاج، فكذلك تنظيم الشخص لحياته الدينية وفق قواعد متغيرة غير متزنة يسبب انزعاجًا أكثر (لكون دائرة الحياة الدينية أوسع نطاقًا) من فوضى النزاعات الدنيوية كما هو الحال في قرارات المحاكم.

فيمكننا من هذا الوجه القول بأن التزام مذهب معين طريقة آمنة للشخص، ولكن ليس معنى هذا أنها هي الطريقة التي يجب اتباعها أو أنها أحسن الطرق.

عند بحث القضية من حيث عوام الناس، لا يمكن أن ننتظر من العامي في حالة اختياره حكمًا من الأحكام من مذهب آخر، النظر في الأدلة التي استنبطت منها هذا الحكم ولا المعرفة فيما إذا وقع في التناقض باختياره هذا الحكم أم لا من الناحية الأصولية. لذلك يجب إيجاد بديل لهذا الشخص يجعله يشعر بنفس الثقة التي يشعر بها عند التزامه مذهبًا معينًا، وذلك ليتسنى للشخص القيام بواجب العبودية لله تعالى بنفس مطمئنة، لتحقيق ذلك يمكن اقتراح طريقتين إحداهما عامة والأخرى خاصة:

أما طريقة الأمان العامة فهي قبول جواز العمل برأي أي مجتهد من المجتهدين شريطة أن لا يكون مخالفًا للإجماع (حين يتعذر التوفيق بين هذه الصورة المطبقة وبين رأي أي عالم من العلماء) . فالشخص الذي يتبع هذه الطريقة سيكون نقطة انطلاقه هي كون المجتهدين قد بذلوا ما في وسعهم للتوصل إلى الصواب (الحق) عند الله تعالى، وكون مصادرهم واحدة وأنه لا يوجد دليل واضح يدل على أن أحد هذه الآراء هو الموافق لما هو الحق في علم الله سبحانه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>