للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاتمة

إن التنظيمات التي تهدف إلى القضاء على الاختلاف بين قواعد الحقوق المطبقة في نفس الدولة بقدر الإمكان وإلى تحقيق وحدة التشريع وبالتالي المنع من حدوث الفوضى التشريعية، وإن المبادئ والتصورات من مثل مبدأ " لا جريمة ولا عقوبة بلا نص " الذي يؤكد على لزوم معرفة الأفراد مقدمًا كيفية معاملة القانون لهم منذ ارتكابهم للأفعال التي يعتبرها القانون من الجرائم ولزوم عدم ترك هذه القضية إلى التقديرات الشخصية المتكونة عقب حدوث تلك الأفعال، وكذلك مبدأ " الحكم العادي " القائل بوجوب النظر في القضية في المحاكم العادية وليس في المحاكم الاستثنائية المشكلة بعد ارتكاب الشخص للجريمة، كل ذلك يعتبر من فروع فكرة "الأمن الحقوقي" بشكل عام. إن الفكرة الأساسية التي تعتمد عليها مثل هذه الأفكار وفكرة " دولة القانون" التي يهتم بها الباحثون في القانون العام في يومنا هذا اهتمامًا بالغًا هي فكرة المشروعية (الشرعية) . وبعبارة أخرى فإن النقطة التي تركزت فيها الجهود الفكرية للبشرية بغية توصيل القانون (الحقوق) الذي هو مجموعة القواعد المنظمة لحياة المجتمع المؤيدة بقوة الدولة إلى الصورة المثلى كانت فكرة المشروعية.

أما الشريعة الإسلامية فهي نظام لا يكتفي بتنظيم علاقات أفراد المجتمع فيما بينهم بل يتجاوز ذلك إلى تنظيم واجبات الفرد نحو خالقه. كما لا تقتصر الشريعة على دعم قواعدها بقوة الدولة بل تهدف من جانب آخر إلى الحفاظ على هذه القواعد بالمؤيدات الأخروية.

وفي هذه الحالة يمكن التحدث عن تصرفات للشخص (القيام ببعض الأفعال واجتناب بعض الأفعال الأخرى) سيحاسب عليها أمام خالقه تعالى وإن لم تكن تلك التصرفات موضوعًا للدعوى في الدنيا. ومؤيدات مثل هذه التصرفات ذات صبغة دينية.

فكما تحمل فكرة المشروعية المتعلقة بتطبيق القواعد الموضوعة قيد التنفيذ في حياة المجتمع أهمية عظمى فكذلك من المهم وجود تنظيم للأحكام المتعلقة بحياة الأفراد قائم على أساس المشروعية ومريح لضمير الفرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>