للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنع الشاطبي القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماعهم (١) .

والإمام ابن تيمية منع من التلفيق بمنعه تخير الأحكام بالهوى والتشهي واعتقاد الشيء واجبًا وغير واجب بالرجوع من قول إلى قول.. ومثل له بمن يعتقد إذا كان أخًا مع جد أن الإخوة تقاسم الجد فإذا صار جَدًّا مع أخ اعتقد أن الجد يحجبهم.

أما إذا تبين له ما يوجب رجحان قول على قول بالأدلة أو استفتاء الأعلم والأتقى فإن الرجوع جائز بل واجب (٢) .

٦- الترجيح:

بعد استعراض آراء الفقهاء والأصوليين في تتبع الرخص والتلفيق في الأحكام الشرعية، والرغبة في الوصول إلى ما هو أحق بالاتباع وخاصة في عصرنا الحاضر؛ ينبغي أن يفرق بين أمرين:

الأول: تتبع الرخص والتلفيق من آحاد الناس سواء كان فتوى للغير أو أن يعمل بها بنفسه.

الثاني: أن يكون التتبع والتلفيق في نطاق عمل المجامع الفقهية ولجان الفتوى. فبالنسبة لآحاد الناس نرى أن الراجح هو القول بمنع تتبع رخص المذاهب والقول بالمنع من التلفيق بين فتاوى المذاهب على وجه يخرق إجماعهم لما في ذلك من مفسدة اتباع الهوى والتخير بالتشهي والتحايل على حدود التكليف وخرم ضوابط التعبد بشرع الله، وهذا القسم هو الذي بحثه الأصوليون والفقهاء واختلفوا فيه، ورأى جمهرتهم منعه، منعًا للفساد والعدوان على شرع الله؛ خاصة في العصور التي يقل بها الفقهاء الورعون، والمفتون المؤهلون لهذا المنصب.


(١) الموافقات: ٤ / ١٤٨.
(٢) الفتاوى: ٢٠ / ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>