للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآيات لها دلالات واضحة على أن رفع الحرج في الدين معتبر عند الشرع، وأيضا على أن التيسير والتخفيف أمر مشروع ومطلوب، قال تعالى:

١- {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] .

٢- {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] .

وايضًا، السنة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام – تدل على اعتبار هذا المبدأ العظيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((بعثت بالحنيفية السمحة)) (١) .

وقالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها:

((ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا)) (٢) .

قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه)) (٣) .

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في الدين، فقال: ((إن هذا الدين يسر ولا يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا)) (٤) وأيضًا: قال النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع عديدة آمرًا بالتيسير وناهيًا عن التعسير، " فقال: ((يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا)) (٥) و ((إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)) (٦) .

فالحاصل أن مشروعية الرخصة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.

أنواع الرخصة وأمثلتها:

الأصوليون بينوا أنواع الرخصة وقسموها باعتبارات شتى، منها تقسيمها باعتبار تنوع أحكامها الشرعية – ومنها تقسيمها باعتبار الحقيقة والمجاز، ومنها تقسيم الرخصة من حيث الكمال والنقص، والرابع تقسيمها باعتبار كونه اختياريا أو اضطراريا، والخامس تقسيمها باعتبار أنواع التخفيف من حيث كونه إسقاطًا أو إبدالاً أو غير ذلك؛ فهذا بيان هذه التقسيمات مفصلاً مع ذكر الأمثلة.

التقسيم الأول

أنواع الرخصة باعتبار أحكامها الشرعية:

هذا ما اختاره عامة الأصوليين من السادة الشافعية والمالكية والحنابلة ويسمى تقسيم الشافعية – ولكن حينما اتفقوا على تقسيمها باعتبار الأحكام اختلفوا في التفصيل – فذهب بعضهم إلى أنها على ثلاثة أقسام: واجب، ومستحب، ورخصة تركها أفضل من العمل بها.


(١) أخرجه أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبد الله ومن حديث أبي أمامة.
(٢) رواه البخاري في المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم في الفضائل باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره من المباح أسهله، وأبو داود في الأدب باب في التجاوز في الأمر ومالك في الموطأ وأحمد.
(٣) رواه أحمد والبيهقي عن ابن عمر والطبراني عن ابن عباس.
(٤) أخرجه البخاري والنسائي عن أبي هريرة.
(٥) أخرجه البخاري ومسلم.
(٦) أخرجه البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>