فعلينا أن نقرر ضابطًا لاختيار الأسهل من أقوال الأئمة لئلا يصل هذا إلى الإباحية الهالكة – أو إلى تضييق منفر – فنقول:
١- الأصل أن الأمر إذا ضاق اتسع، فإذا ظهر للمبتلى به ضيق وحرج وعسر لا يستطيع تحمله فيجوز له أن يختار قولاً لإمام آخر فيه دفع الحرج والمشقة.
٢- وعليه أن يستفتي أهل الذكر وأصحاب العلم وأرباب الفتوى الذين هم عمدة الدين وأعمق الناس علمًا وأورعهم قلبًا لئلا يقع في كيد الشيطان وما زينه له هوى النفس؛ لأن المكلف العامي كثيرًا ما لا يميز بين الضرورة واتباع الهوى.
٣- وعليه أن لا يخرج من مذاهب الأئمة الأربعة المدونة المنقحة المخدومة من القرون لأن مذاهب غيرهم المنقولة في ثنايا الكتب عامتها ليست مروية برواية الثقات أو متواترة قرنًا بعد قرن على ألسنة العلماء والفقهاء الثقات الأثبات – ولا يعرف الشروط والقيود المعتبرة عندهم.
٤- أما إذا صارت القضية اجتماعية لعموم البلوى بها أو قضية نشأت بسبب تغير الأحوال وتجدد العوائد وحدوث العرف الجديد، خاصة في معاملات الناس من التجارة والصنعة وعادات التجار والصناعيين وأهل الحرف خاصة في المعاملات في ما بين الدول فيجوز بل يجب على العلماء الراسخين وأصحاب العلم والتقوى من الفقهاء، الاجتهاد الجماعي في مثل تلك القضايا وحل تلك القضايا المعضلة طبقًا لمقاصد الشريعة وقواعدها الكلية ووفقًا لما تقتضيه الأحوال المتجددة والعوائد الحادثة، ويجوز لهم العدول من قول إمام بعينه إلى قول إمام آخر من أئمة الهدى بشرط: