للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام جوار الدين الإسنوي الشافعي في كتابه " نهاية السول في شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول:

إذا قلد مجتهدًا في مسألة فليس له تقليد غيره فيها اتفاقًا، ويجوز ذلك في حكم آخر على المختار، فلو التزم مذهبًا معينًا كالطائفة الشافعية والحنفية ففي الرجوع إلى غيره من المذهب ثلاثة أقوال؛ ثالثها: يجوز الرجوع فيما لم يعمل به – ولا يجوز في غيره (فائدتان) إحداهما: ذكر القرافي في شرح المحصول أن تقليد مذهب الغير حيث جوزناه فشرطه أن لا يكون موقعًا في أمر مجتمع على إبطاله الإمام الذي كان على مذهبه والإمام الذي انتقل إليه. فمن قلد مالكًا مثلاً في عدم النقض باللمس الخالي عن الشهوة فصلى فلابد أن يدلك بدنه ويمسح جميع رأسه وإلا فتكون صلاته باطلة عند الإمامين (١) .

وقال العلامة المحقق ابن أمير الحاج في كتابه التقرير والتحبير شرح التحرير لابن همام:

(مسألة لا يرجع المقلد فيما قلد) المجتهد (فيه) أي عمل به (اتفاقًا) ذكره الآمدي وابن الحاجب؛ لكن قال الزركشي: وليس كما قالا ففي كلام غيرهما ما يقتضي جريان الخلاف بعد العمل أيضًا، وكيف يمتنع إذا اعتقد صحته؟ ! لكن وجه ما قالاه أنه بالتزامه مذهب إمام مكلف به، ما لم يظهر له غيره، والعامي لا يظهر له، بخلاف المجتهد حيث ينتقل من أمارة إلى أمارة، وفصل بعضهم فقال: التقليد بعد العمل إن كان من الوجوب إلى الإباحة ليترك كالحنفي يقلد في الوتر، أو من الحظر إلى الإباحة ليترك كالشافعي يقلد في أن النكاح بغير ولي جائز والفعل والترك لا ينافي الإباحة، واعتقاد الوجوب أو التحريم خارج عن العمل وحاصل قبله، فلا معنى للقول بأن العمل فيها مانع من التقليد ... وقال أيضًا: وهل يقلد غيره، أي غير من قلده أولاً في شيء (في غيره) أي غير ذلك الشيء؛ كأن يعمل أولاً في مسألة في قول أبي حنيفة وثانيًا في أخرى بقول مجتهد آخر (المختار) كما ذكره الآمدي وابن الحاجب (نعم للقطع) بالاستقراء التام (بأنهم) أي المستفتين في كل عصر من زمن الصحابة وهلم جرّا (كانوا يستفتون مرة واحدًا ومرة غيره غير ملتزمين مفتيًا واحدًا، فلو التزم مذهبًا معينًا لأبي حنيفة أو الشافعي) فهل يلزمه الاستمرار عليه فلا يعدل عنه في مسألة من المسائل (فقيل يلزم) لأنه بالتزامه يصير ملزمًا به كما لو التزم مذهبه في حكم حادثة معينة (وقيل لا) يلزم وهو الأصح كما في الرافعي وغيره (٢) .


(١) نهاية السول في شرح منهاج الوصول على هامش التقرير والتحبير.
(٢) التقرير والتحبير ٣ / ٣٥٠، دار الكتب العلمية – ١٤٠٣ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>