للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرف الآمدي من الشافعية العزيمة بأنها " عبارة عما لزم العباد بإلزام الله تعالى، فهي ما لزم بإيجاب الله تعالى (١) ، وهي على هذا تختص بما هو أشبه بالواجبات كما يقول الطوفي (٢) . كما عرفها البزدوي بأنها اسم لما هو أصل من الأحكام غير متعلق بالعوارض" (٣) .

والشاطبي عرف العزيمة بأنها " ما شرع من الأحكام الكلية ابتداء" ومعنى الكلية أنها لا تختص ببعض الملكفين من حيث هم مكلفون دون بعض، كالصلاة مثلاً فإنها مشروعة على الإطلاق والعموم في كل شخص وفي كل حال، ومثلها سائر شعائر الإسلام الكلية (٤) . ومعنى كونها شرعية ابتداء، أن الشارع قصد بها إنشاء الأحكام التكليفية على العباد من أول الأمر من غير أن يسبقها حكم شرعي قبل ذلك (٥) .

وقد تطلق العزيمة على الأخذ بالتكاليف الغليظة والأعمال الشاقة.

ومما سبق يتضح أن العزيمة منها ما يتعلق بالفعل مثل العبادات، وهي أربعة أنواع:

١- فريضة: وهي ما لا يحتمل زيادة ولا نقصانًا: وهي ما ثبت بدليل شرعي قطعي (لا شبهة فيه) كالإيمان والأركان ويكفر جاحدها ويفسق تاركها بلا عذر.

٢- واجب: وهو ما ثبت بدليل فيه شبهة كصدقة الفطر والأضحية، فإن كلا منهما ثبت بخبر الواحد، وحكمه اللزوم عملا لا اعتقادًا فإن جاحدها لا يكفر، ويفسق تاركه إذا استخف بأخبار الآحاد جملة.

٣- سنة: وهي الطريقة المسلوكة في الدين، ويطالب المكلف بإقامتها من غير افتراض ولا وجوب، وهي عند الشافعي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه هو المتبع على الإطلاق، والسنة نوعان: سنة هدي كالجماعة والأذان والإقامة، وتاركها يستوجب الإساءة، وسنة زوائد وهي التي لا يستوجب تاركها أي إساءة كسير النبي صلى الله عليه وسلم في لباسه وقيامه وقعوده.

٤- وهو العبادة المشروعة لنا لا علينا، وهو ما يثاب المرء على فعله ولا يعاقب على تركه (٦) .

ومن العزيمة ما يتعلق بالترك، وهي ترك الحرام، فيثاب تاركه ويعاقب فاعله، وترك المكروه، فيثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.


(١) التلويح للتفتازاني ٢/ ١٢٧، والمستصفى للغزالي ١ / ٩٨، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١ / ٩٨.
(٢) مختصر الروضة ١ / ٤٥٨.
(٣) التلويح ٢ / ١٢٧.
(٤) الموافقات للشاطبي ١ / ٢٠٤، طبعة صبيح بالقاهرة.
(٥) الموافقات للشاطبي ١ / ٢٠٤، طبعة صبيح بالقاهرة.
(٦) شرح منار الأنوار في أصول الفقه للمولى عبد اللطيف الشهير بابن ملك، على المنار للنسفي ١٩٤ وما بعدها، طبع إستانبول سنة ١٣١٤هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>