للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواع الرخصة من حيث التخفيف:

قسم بعض الأصوليين الرخصة من حيث التيسير على الناس والتخفيف عنهم إلى قسمين:

الأول: رخصة إسقاط، عندما يكون الأخذ بالرخصة واجبًا كأكل الميتة أو رفع التكاليف الشاقة التي كانت على الأمم قبلنا؛ فقد أسقط الحكم عنا.

الثاني: رخصة ترفه، عندما يكون الحكمان ثابتين، فله أن يأخذ بالرخصة وله أن يأخذ بالعزيمة كأكل المتولي من مال الوقف إذا كان محتاجًا أو أكل ولي الأيتام من مالهم إذا نمَّى أموالهم وكان محتاجًا، فلكل منهما أن يأكل من مال الوقف أو اليتيم أو لا يأكل، قال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] .

وقد تكون الرخصة عامة للناس كلهم وهي في الأنواع الثلاثة التي بيناها، تكون خاصة لبعض الناس كما في النوع الرابع (١) .

دليل إباحة الرخص:

استدل لإباحة الرخص بالأدلة التالية:

أولاً – من النصوص:

قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣] ، وقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣] ، وقوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١] ، وقوله {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] ، فكل هذه الآيات وغيرها دالة على إباحة الرخصة ورفع الحرج والجناح وجواز الإقدام على فعلها.

وقوله صلى الله عليه وسلم ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه)) (٢) ، وورد في الحديث ((كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا المقصر ومنا المتم)) (٣) ، وروي عن عائشة ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم)) (٤) .

وثانيًا:

التسهيل، التخفيف على المكلفين ورفع الحرج عنهم والتيسير عليهم، فيكون المكلف مخيرًا بين الأخذ بالرخصة أو العزيمة، وهذا أصله الإباحة في قوله تعالى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] ، وقوله {مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] ، وقوله {وفَاكِهَةً وأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَّكُمْ ولأَنْعَامِكُمْ} [عبس: ٣١ – ٣٢] ، وقال سبحانه {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] (٥) .


(١) الموافقات للشاطبي ١ / ٢٠٧ – ٢١١.
(٢) رواه أحمد ابن حنبل والبيهقي.
(٣) الموافقات ١ /٢١١.
(٤) رواه الدارقطني والبيهقي.
(٥) الموافقات للشاطبي ١ / ٢١٠ – ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>