للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك للآيات والأحاديث الواردة في قوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] ، وقوله {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] ، وحديث عائشة في البخاري ((كان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف عنهم)) (١) ، وحديث ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه)) (٢) .

قال العلماء: ولا يمنع من ذلك مانع شرعي لأن للإنسان أن يسلك الأخف الأسهل فيما يقع له من المسائل إذا وجد إليه سبيلاً بأن لم يكن عمل بآخر فيه.

ويحمل المنع على تتبع الرخص لغرض فاسد، وقد روي عن أحمد ابن حنبل في إحدى روايتيه جواز ذلك، ولا يلتفت إلى رأي من فسق متتبع الرخص فهو تشديد لا مبرر له وليس عليه من دليل. إذ المفروض أن يتبع الإنسان من القول أحسنه.

وقال عليه السلام فيما رواه الشيخان وغيرهما: ((إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)) ، ولأحمد حديث بسند صحيح ((دينكم أيسره)) . وروى الشيخ نصر المقدسي في كتاب" الحجة " مرفوعًا ((اختلاف أمتي رحمة)) ، وفي المنهل عن البيهقي عن القاسم بن محمد أنه قال: " اختلاف أمة محمد رحمة "، وللبيهقي في " المدخل " عن عمر بن عبد العزيز قال: " ما يسرني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا لأنهم لو لم يختلفوا لم يكن رخصة "، وأخرج البيهقي من حديث ابن عباس رضي الله عنه ((.. أن أصحابي بمنزلة النجوم فبما أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة)) .

وقد روى السيوطي في الجامع الصغير عن عمر مرفوعًا: ((أفضل أمتي الذين يعملون بالرخص)) . وقد رد شارح التحرير (السيد بادشاه) على دعوى ابن عبد البر الإجماع على عدم تتبع الرخص.


(١) أخرجه البخاري.
(٢) رواه ابن حنبل ٢ / ١٠٨، والبيهقي ٣ / ١٤٠، وابن حبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>