للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يسمى ما لم يوجبه الله علينا رخصة، وإن كان فيه سعة كعدم وجوب صوم شوال وصلاة الضحى، كما أن ما أباحه الله أصلاً من الأكل والشرب وغيرهما من المباحات، لا يسمى رخصة (١) .

ومقابل الرخصة العزيمة، قال في مراقي السعود:

للعذروالرخصة حكم غيرا إلى سهولة لعذر قررا

مع قيام علة الأصلي وغيرها عزيمة النبي (٢)

والعزيمة في اللغة: القصد المؤكد (٣) ، ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: ١٥٩] وقوله تعالى: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥] وقوله عز وجل: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٣٥] .

وفي اصطلاح الأصوليين: هي الحكم الثابت على وجه ليس مخالفًا لدليل شرعي (٤) . وبعبارة أخرى: هي ما شرع من الأحكام الكلية ابتداء، ومعنى كونها كلية أنها لا تختص ببعض المكلفين من حيث هم مكلفون دون بعض كالصلاة مثلاً، فإنها مشروعة على الإطلاق والعموم في كل شخص وفي كل حال، وكذلك الصوم والزكاة والحج والجهاد، وسائر شعائر الإسلام الكلية (٥) .

ومعنى كونها مشروعة على الإطلاق أنها شرعت ابتداء، وأن قصد الشارع إنشاء الأحكام التكليفية بها على العباد من أول الأمر دون حكم شرعي سابق مخالف غير منسوخ، فإن سبقها حكم شرعي ثم نسخ كان الناسخ كالحكم الابتدائي.

وعليه فإن أحكام الشريعة منقسمة إلى قسمين: عزائم وهي الأصل، ورخص وهي التي شرعت للتيسير ورفع المشقة عن المكلفين، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] .


(١) المستصفى ١ / ٩٨ نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر ١ / ١٧٣.
(٢) نشر البنود على مراقي السعود ١ / ٥٥ – ٥٧.
(٣) المصباح المنير مادة (عزم) .
(٤) المستصفى ١ / ٩٨.
(٥) الموافقات ١ / ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>