للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا فإن الله عز وجل رفع الحرج عن هذه الأمة، وجعل المشقة تجلب التيسير، وهذا من القواعد التي بني عليها الفقه، قال العلامة سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم الشنقيطي في " مراقي السعود ":

قد أسس الفقه على رفع الضرر وأن ما يشق يجلب الوطر (١)

قال في نشر البنود: (قد أسس الفقه، أي بنيت مسائله على أربعة أصول أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)) (٢) .

والقاعدة الثانية أن المشقة تجلب التيسير، وهو المراد بالوطر لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .

ومن مسائلها الأخذ بالأخف والرخص كجواز القصر والجمع والفطر في السفر (٣) .

والمشقة التي تجلب التيسير هي المشقة الخارجة عن المعتاد وهي التي من شأنها أن تؤدي إلى خلل في جسم المكلف أو عقله أوتؤدي إلى ما لا يحمد عقباه في المستقبل (٤) .

وقد نص الشارع على الترخيص فيها مثل قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] ومثل ترك الجماعة في المطر، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول: ألا صلوا في الرحال)) .


(١) نشر البنود على مراقي السعود ٢ / ٢٧٠.
(٢) حديث (لا ضرر ولا ضرار) أخرجه مالك في الموطأ مرسلاً عن يحيى المازني – الموطأ ٢ / ٧٤٥ – وقد وصله أحمد عن ابن عباس – فيض القدير شرح الجامع الصغير ٦ / ٤٣١. ووصله ابن ماجه عن عبادة – سنن ابن ماجه ٢ / ٧٨٤. ووصله الحاكم عن أبي سعيد وصححه – المستدرك ٢ / ٥٧.
(٣) نشر البنود على مراقي السعود ٢ / ٢٧٠.
(٤) الموافقات لأبي إسحاق الشاطبي ٢ / ١٣٤ – ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>