للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهوم الرخصة عند الشافعية:

عرف الغزالي (١) الرخصة بأنها عبارة عما وسع للمكلف لعذر وعجز عنه، مع قيام السبب المحرم. فإن ما لم يوجبه الله تعالى علينا من صوم شوال، وصلاة الضحى، لا يسمى رخصة. ويسمى تناول الميتة، وسقوط صوم رمضان عن المسافر – رخصة.

وذكر الآمدي (٢) تعريفًا آخر، فقال: وقال أصحابنا: الرخصة ما جاز فعله لعذر، مع قيام السبب المحرم. وعلق عليه بأنه غير جامع، لأن الرخصة كما تكون بالفعل قد تكون بترك الفعل، كإسقاط وجوب صوم رمضان، والركعتين من الرباعية في السفر. ولهذا أتى بتعريف جديد للرخصة فقال: من الواجب أن يقال: " الرخصة ما شرع من الأحكام لعذر، مع قيام السبب المحرم حتى يعم النفي والإثبات".

وقد اعتمد الأسنوي (٣) التعريف الذي ذكره البيضاوي، وهو: " الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر ".

وقد انتقد الأسنوي التعريف الذي عدله الآمدي وارتضاه، بأنه غير جامع، لأن الحكم الثابت للرخصة أعم من أن يكون ثابتًا على خلاف الدليل المقتضي للتحريم، كأكل الميتة للمضطر، أو ثابتًا على خلاف الدليل المقتضي للندب، كترك الصلاة الجامعة بعذر المطر والمرض ونحوهما، فإنه رخصة بلا نزاع، وكالأبواد عند من يقول: أنه رخصة (٤) .

ويبدو أن التعريف الذي ارتضاه الإسنوي ومتأخرو الشافعية يمكن أن يكون التعريف الجامع المانع، وإن لم يسلم من الانتقاد. وتكون الرخصة بهذا المعنى الذي ارتضاه الشافعية لا تختلف كثيرًا من حيث الجملة عن التعاريف التي اختارها الحنفية وتقدمت الإشارة إليها في عرض مفهوم الرخصة عندهم.


(١) المستصفى للغزالي: ص ٩٨.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي: ص ٦٨.
(٣) الأسنوي على المنهاج: ١ / ٨٩.
(٤) الرخص الفقهية من القرآن والسنة النبوية لمحمد الشريف الرحموني: ص ١١٧ – ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>