للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مختصر خليل وشرحه الكبير في كفارة اليمين: لا تجزئ الكفارة حال كونها ملفقة من نوعين فأكثر، كإطعام مع كسوة، وأما من صنفي نوع فيجزي في الطعام، فيجوز تلفيقا من الأمداد والأرطال والشبع (١) .

وعلى هذا المنهج استعمل الفقهاء كلمة التلفيق فقالوا: التلفيق في التقليد، وقالوا: المسألة الملفقة، أو تلفيق في الاجتهاد، وقالوا: التلفيق في التشريع.

الأول: التلفيق في الاجتهاد:

التلفيق في الاجتهاد، ويسمى: الاجتهاد المركب: هو أن يجتهد اثنان أو أكثر في موضوع، فيكون لهم فيه قولان، ثم يأتي من بعدهم من يجتهد في الموضوع نفسه، ويؤدي اجتهاده إلى الأخذ من كل قول ببعضه، ويكون مجموع ذلك مذهبه في الموضوع، فيكون اجتهاده هذا اجتهادا مركبا بالنظر إلى ما سبقه من اجتهاد. ويمكن أن يتحقق ذلك في كثير من الصور منها:

١- ما إذا اختلف الصحابة أو مجتهدو عصر في مسألة على قولين أو على أقوال، وانقرض العصر وهم على ذلك، فهل يجوز لمن يأتي بعدهم من المجتهدين إحداث قول ثالث؟ أو قول جديد؟

٢- ما إذا اختلف الصحابة أو مجتهدو عصر في مسألتين على قولين. فهل لمن يجتهد بعدهم أن يأخذ في إحدى المسألتين بقول طائفة، وفي المسألة الأخرى بقول الطائفة الأخرى، أو لا يجوز؟

وقد ذكر الغزالي (٢) في المستصفى محل الخلاف في المسألة الأولى، فقال: إن صورة المسألة المختلف فيها: أن يعرف أن مجتهدي العصر جميعا قد تكلموا في المسألة واختلفوا فيها. أما مجرد نقل الأقوال من عصر من العصور فإنه لا يكون مانعا من إحداث قول ثالث، لأننا لا نعلم هل تكلم الجميع فيها أو لا. ومتى كان تحرير محل الخلاف في المسألة على الوضع فقد أصبح الأمر هينا جدا، إذ من العسير أن يتوصل إلى ذلك، وخاصة فيما بعد عصر الصحابة.


(١) خليل ١٣٢/٢
(٢) المستصفى: ١ /١٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>