للعلماء في هذه المسألة مناح ثلاثة: منهم المانع، ومنهم المجيز، ومنهم القائل بالتفصيل.
١- المانعون لتتبع الرخص في المذاهب:
هم جماعة من العلماء بين قدامى ومحدثين، منهم النووي والغزالي وغيرهما من الشافعية، ومعظم المالكية والحنابلة.
وإنما منع هؤلاء تتبع الرخص في المذاهب بناء على سد الذرائع حتى لا يكون الناس تبعا لهوى نفوسهم، وحتى لا يؤدى هذا التتبع إلى حل رباط التكليف، والعبث بالديانة.
ويرى المحدثون من العلماء أن فتح الباب لتتبع الرخص يعين المناهضين للإسلام، وهم كثر في الداخل والخارج، على تطويع الشرع لرغباتهم في الانتصار للحضارة المادية المعاصرة التي أحلت الزنا والربا والجنس في أبشع صوره وأقذرها، والخمر والمخدرات والحرابة والغصب و ... و.... إلخ.
خصوصًا ولم يعد هؤلاء – كما كانوا – يظهرون العداء للإسلام بل غيروا من طرقهم، وصاروا يعلنون مناصرتهم للإسلام، كما يصدعون بتوليهم أمره، وهم يخفون ما لا يظهرون ويسرون ما لا يعلنون {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون: ٤] ومن تعليل هؤلاء الحكم المنع الذي اختاروه قولهم:
إن الشرع جاء ينهى عن اتباع الهوى، ويأمر برد ما تنازعتم فيه إلى الله والرسول:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩] وقد نقل عن أبي إسحاق المروزي القول بفسق متتبع الرخص بسبب أن عمله مؤد إلى إسقاط التكاليف في كل مسألة مختلف فيها كما نقل ابن عبد البر المالكي وابن حزم الظاهري الإجماع على منع تتبع الرخص في المذاهب.