فعلى السادة العلماء في هذا المجمع، وهم المتكلفون بأمر الاجتهاد الجماعي للمسلمين، أن يستعملوا هذا الزاد الذي اكتسبه الفكر الإسلامي من المذاهب الجماعية في سد حاجة المسلمين كلما تطوروا وجد لديهم الجديد، ولا يستطيع أحد أن ينكر قانون الحياة الذي قدره الله وهو قانون التطور والتجديد، يجتهدون في غير الثوابت التي جاءت بها نصوص الشريعة الصريحة مثل أصول العقيدة وأصول العبادات من صلاة وزكاة وصوم وحج، ومثل أصول الحلال والحرام، مثل جملة من المبادئ العامة الثابتة المصلحة، كمبدأ رعاية المصالح والواجبات، ومبدأ سد الذرائع الموصلة إلى المفاسد والشرور، ومبدأ منع الظلم والاعتداء على الغير، ومبدأ حق كل إنسان في المحافظة على الكليات الخمس: الدين والعقل والنفس والنسل والمال، ومبدأ الأهلية وعدم الإكراه في المعاملات.
فهذه كلها ثوابت كفانا الله تعالى عناء الاجتهاد فيها كأصول، وإن جاز لنا البحث والاجتهاد فيما يدخل تحتها من جزئيات وما لا يدخل، علينا – بما لنا من فكر إسلامي عتيد – أن نجتهد اجتهادًا جماعيا أو نرجح ما ينبغي الأخذ به من الأحكام التي تواكب سنة التطور وتراعي مصالح الناس في جميع بلاد الإسلام.
ومجال هذا الاجتهاد أو الترجيح واسع ومعروف لدى العلماء فهو يشمل:
- المسائل التي وردت فيها نصوص ظنية الثبوت أو الدلالة.
- والمسائل المستجدة التي لم يرد فيها نص ولا إجماع.
ولن تعدم هذه الأمة من علمائها رجالاً وهبهم الله الشجاعة وحسن الإيمان ليصدعوا بالحق، ولو كان للحق أعداء مخاصمون، والله في عون العبد ما كان العبد في عون ربه أو كما قال صلى الله عليه وسلم.