للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) أحكام العربون

هناك أحكام في عقد العربون ينبغي بيانها وهي ما يلي:

- هل يجوز العربون في بيع النقد بجنسه وفي الصرف؟

عقد الصرف: هو بيع النقد بالنقد جنسًا بجنس أو بغير جنس، أي بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو الذهب بالفضة أو بالعكس، مصوغًا ونقدًا (١) . وهو بيع جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز بيع الأموال الربوية ببعضها عند اتحاد الجنس مع المماثلة أو المساواة، أو عند اختلاف الجنس، ولو مع التفاضل بشرط التقابض بأن كان يدًا بيد.

فالتقابض شرط في إباحة عقد الصرف، منعًا من الوقوع في ربا الفضل، أو ربا النسيئة، ولا يجوز اشتمال الصرف على الأجل، وإلا فسد الصرف؛ لأن قبض البدلين مستحق قبل الافتراق، والأجل يؤخر القبض، فيفسد العقد (٢) .

ويترتب على اشتراط عدم التأجيل في بيع النقد بجنسه أو الصرف: أنه لا يجوز العربون فيهما؛ لأنه يؤدي إلى التأجيل، والتأجيل يفوَّت شرط تقابض البدلين في مجلس العقد، مما يؤدي إلى الوقوع في ربا النسيئة: وهو تأجيل قبض أحد البدلين عن مجلس العقد، والربا حرام.

- هل يجوز أن يكون العربون مبلغًا مستقلا عن سعر السلعة؟

ذكرت فيما تقدم أن الحنابلة قالوا: يصح بيع العربون وإجارته: وهو دفع بعض ثمن أو أجرة، بعد عقد لا قبله، ويقول: إن أخذته أو جئت بالباقي، وإلا فهو لك، فإن وفى فما دفع فمن ثمن وإلا فلبائع ومؤجر (٣) .

وهذا التصور لعقد العربون بيعًا أو إجارة يدل على أن العربون إنما هو جزء من الثمن أو الأجرة إن تم العقد، فلا يجوز أن يكون مبلغًا مستقلا عن سعر السلعة.

- هل يجوز العربون في الخدمات كما في السلع؟

يجوز العربون في الإجارة كما يجوز في البيع كما أبان الحنابلة فيما تقدم، والإجارة واردة على المنافع أو الأعمال، وهي بيع المنفعة، فتشبه الإجارة البيع من هذا القبيل، والمنفعة أو العمل خدمة يقدمها المؤجر في إجارة المنافع كالسكنى في الدار، أو المستأجر في إجارة الأعمال كعمال البناء والحمالين، فلا يكون هناك مانع من العربون في أداء الخدمات، كالاتفاق مع طبيب أو مهندس مثلاً على القيام بكشف على مريض أو إجراء عملية جراحية، أو تقديم تصميم لبناء أو رسم خريطة، فذلك استئجار على عمل أو مقاولة، فيجوز دفع العربون من المستفيد لمن يتعهد بتقديم خدمة من الخدمات.


(١) فتح القدير مع العناية: ٥ /٢٨٤؛ البدائع: ٥ /٢١٥؛ رد المحتار: ٢٤٤.
(٢) الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي: ٤ /٦٣٧-٦٣٨.
(٣) غاية المنتهى: ٢ /٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>