للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربون في القوانين الوضعية:

قال السنهوري (١) : " يتفق أحيانا أن يدفع أحد المتعاقدين للآخر، عند إبرام العقد، مبلغا من المال، يكون عادة من النقد، يسمى: العربون وأكثر ما يكون ذلك في عقد البيع، وفي عقد الإيجار فيدفع المشتري للبائع، أو المستأجر للمؤجر، جزءًا من الثمن أو من الأجرة ويكون غرض المتعاقدين من ذلك إما حفظ الحق لكل منهما في العدول عن العقد، بأن يدفع من يريد العدول قدر هذا العربون للطرف الآخر، وإما تأكيد العقد والبت فيه، عن طريق البدء في تنفيذه بدفع العربون ".

وقال أيضا (٢) : " إذا دفع عربون وقت إبرام العقد ـ ولم يتفق المتعاقدان، صراحة أو ضمنا، على أنه إنما دفع لتأكيد البتات في التعاقد، كان دفعه دليلاً على أن المتعاقدين أراد أن يكون منهما الحق في العدول عن العقد، يستوي في ذلك البيع والإيجار وأي عقد آخر.

فإذا لم يعدل أحد منهما عن العقد، خلال المدة التي يجوز له فيها العدول، أصبح العقد باتًّا، واعتبر العربون تنفيذًا جزئيا له، ووجب استكمال التنفيذ.

أما إذا عدل أحد المتعاقدين عنه، في المدة التي يجوز له فيها ذلك، وجب على من عدل أن يدفع للطرف الآخر قدر العربون، جزاء العدول.

فإذا كان هو الذي دفع العربون فإنه يفقده، ويصبح العربون حقًّا لمن قبضه.

أما إذا كان الطرف الذي عدل هو الذي قبض العربون، فإنه يرده ويرد مثله، أي يرد ضعفيه للطرف الآخر، حتى يكون بذلك قد دفع قيمة العربون، جزاء عدوله عن العقد ".

ويلاحظ هنا ما يلي:

١- التصريح في القانون بإعطاء حق العدول لكل من طرفي العقد، البائع والمشتري، أو المؤجر ولمستأجر.

٢- قابض العربون قد يكون البائع أو المشتري، المؤجر أو المستأجر.

٣- حق العدول عن العقد قيد بمدة معلومة، يصبح بعدها العقد باتًّا، والعربون جزءًا من الثمن أو الأجرة.

٤- لا يشترط لاستحقاق العربون وقوع الضرر فعلاً، أو إثبات وقوعه.

٥- الغرض من العربون أحد أمرين:

١- تأكيد العقد والبت فيه، واعتبار العربون بدءًا لتنفيذ العقد، وجزءًا من الثمن أو الأجرة (٣) .

٢- حق العدول لأحد الطرفين، خلال المدة المحددة، فإذا عدل الدافع فقد العربون، وإذا عدل القابض رده ومثله معه.


(١) الوسيط ١ /٢٥٩.
(٢) الوسيط ١ /٢٦٢.
(٣) مر معنا فقهًا أن هذه الصورة لا تعد من العربون الذي اختلف فيه الفقهاء، وأنها جائزة عند الجميع، لأن المبلغ المدفوع يعتبر دفعة على الحساب.

<<  <  ج: ص:  >  >>