للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مصنف ابن أبي شيبة (١) : في الرجل يشتري من الرجل الشيء فيستغليه فيرده ويرد معه درهما:

وفي مصنف عبد الرزاق (٢) : باب الرجل يشتري السلعة، فيقول: أقلني ولك كذا.

هذه الصورة أجازها البعض (جابر بن زيد، وسعيد بن المسيب، وشريح، وإبراهيم النخعي في رواية، وسعيد بن جبير، وطاوس، وابن عمر) .

وكرهها آخرون (ابن عباس، وعامر، وإبراهيم في رواية، وعلقمة، والأسود، والشعبي، وحماد، والحكم بن عتيبة، وعطاء) .

قلنا: إن هذه الصورة من الإقالة تقترب من العربون، لأن الإقالة لم تتم إلا بقبض مال وتختلف عن العربون، لأن العربون يتفق عليه منذ العقد الأول، أما هذه الإقالة فيتم الاتفاق عليها عند العقد الثاني.

ومع ذلك ربما يكون الحكم الشرعي في العربون، وفي صورة الإقالة هذه، واحدًا، كما ذهب الإمام أحمد، وربما يكون حكم الإقالة هنا أقرب جوازًا، لأن الضرر يكون قد علم على أنه ربما يتمسك بالمال، ولو لم يقع أدنى ضرر، ففي هذه الحالة تعود هذه الإقالة إلى التشابه مع العربون، وربما تزيد عليه، لأن العربون كان الضرر وقت دفعه محتملاً، أما ههنا في هذه الإقالة، فليس هناك أي ضرر.

ويبدو أن بعض السلف كانوا يخشون أن يكون في هذه الصورة من الإقالة ربًا.

عن أسامة بن زيد قال: سمعت سعيد بن المسيب، وسئل عن رجل اشترى بعيرًا، فندم المبتاع، فأراد أن يرده ويرد معه ثمانية دراهم، فقال سعيد: لا بأس به، إنما الربا فيما يكال ويوزن، مما يؤكل ويشرب (٣) .

ربما رأى هؤلاء العلماء أن هذه العملية حيلة ربوية (=عينة) ، والعينة هي أن يبيع بعيرًا بـ ١٠٠ نقدًا، ثم يبيع المشتري البعير نفسه إلى بائعه بـ ١٠٨ لسنة مثلا، فيكون كأنه أقرضه ١٠٠ بربًا مقداره (٨) .

وإني أرى أنه لا مدخل للربا هنا، ولا للعينة، لأن العملية بيع بعير بدراهم، والذي قبض الثمانية الدراهم الإضافية هو الذي قبض ثمن البعير، ولو كانت الدراهم الثمانية مدفوعة ممن قبض الثمن لربما كانت هناك فعلا شبهة ربا، أو حيلة ربا، ثم إنه يمكن اعتبار هذه الدراهم الثمانية بمثابة أجرة البعير خلال المدة الفائتة كما أنه ليست هناك نية القرض، وإنما يكون الربا في قرض، أو في بيع مشبوه يراد منه التوصل إلى القرض.

وبهذا نتفق مع سعيد بن المسيب في الجواز، ولكن بحجة مختلفة.


(١) .مصنف ابن أبي شيبة ٦/ ١٠٨
(٢) .مصنف عبد الرزاق ٨/ ١٨
(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٦ /١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>