للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفرقة بين العربون والشرط الجزائي:

في " نظرية الالتزام "، كما تقدم، أدخل السنهوري العربون في الشرط الجزائي، وجعله واحدا من أمثلته وفي " الوسيط " (١) , " ومصادر الحق " (٢) ، فرق السنهوري بين العربون والشرط الجزائي:

١- فالشرط الجزائي لا يملك المدين أن يؤديه بدلاً من تنفيذ التزامه الأصلي، إذا كان هذا التنفيذ ممكنًا، وطالب به الدائن.

أما العربون فيملك أحد الطرفين أن يؤديه دون أن يطالبه الطرف الآخر بتنفيذ الالتزام الأصلي، كما يملك أن يؤديه حتى ولو كان ممكنًا له تنفيذ الالتزام الأصلي.

ففي الشرط الجزائي ليس المدين مخيرًا بين الالتزام والشرط، أما في العربون فهو مخير بين الالتزام والعربون.

٢- في الشرط الجزائي يشترط لتطبيقه على المدين وقوع ضرر ناجم عن عدم تنفيذ العقد، أو عن التأخر في تنفيذه، أما العربون فلا يشترط للمطالبة به عند العدول وقوع الضرر فعلاً.

٣- ينتج عن هذا أن الشرط الجزائي يجوز فيه للقاضي تخفيض مبلغه، إذا قام المدين بتنفيذ التزامه جزئيا وبنسبة ما نفذه فعلاً، وكذلك يجوز للقاضي زيادة مبلغ الشرط الجزائي، إذا أخل المدين بالتزامه، بسوء نية أو بخطأ جسيم، فيزاد المبلغ إلى الحد الذي يتناسب مع الضرر الواقع فعلا ويجوز للقاضي كذلك أن لا يحكم بالشرط الجزائي أصلاً، إذا لم يلحق الدائن أي ضرر.

على أن بعض النظم القانونية والقضائية ترى جواز الشرط الجزائي، بدون تعديل بزيادة أو نقصان من القاضي، ودون نظر إلى الضرر وقع أو لم يقع، أثبته الدائن أو لم يثبته وعندئذ فإن الشرط الجزائي يصير مشابها للعربون من هذه النواحي، ولكنه يبقى مختلفا عنه من حيث إن المتعاقد مخير في العربون، وغير مخير في الشرط الجزائي فله في العربون أن يمضي العقد، ويكون العربون جزءًا من الثمن، أو أن لا يمضيه ويدفع العربون جزاء نكوله أما في الشرط الجزائي فالعقد بات، ولا يصار إلى الشرط الجزائي إلا عند عدم إمكان التنفيذ، أو عند التأخر فيه.

هل الشرط الجزائي جائز؟

ذهبت هيئة كبار العلماء، في المملكة العربية السعودية، إلى جواز الشرط الجزائي، في دورتها الخامسة المنعقدة في الفترة ٥-٢٢ /٨ /١٣٩٤ هـ (٣) كما ذهب إلى جوازه الشيخ مصطفى الزرقاء (٤) .

واستدلوا بحديث ابن سيرين: قال رجل لكريه: أرحل ركابك ... وقد ذكرناه في مبحث الآثار الواردة في بيع العربون.


(١) الوسيط ١/ ٢٦٣.
(٢) مصادر الحق ٢ /٨٩.
(٣) راجع مجلة البحوث الإسلامية، شوال ١٣٩٥هـ - ١٣٩٦ هـ، ص ٥٩-١٣٩، ونظام المناقصات المزايدات السعودي الذي نص على الشرط الجزائي (= الغرامة) .
(٤) المدخل الفقهي ص ٧٢٠، ف ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>