كما استدلوا أيضا بما رواه ابن سيرين نفسه، من أن رجلا باع طعامًا، وقال: إن لم آتك الأربعاء فليس بيني وبينك بيع، فلم يجئ فقال شريح للمشتري: أنت أخلفت، فقضى عليه (صحيح البخاري، باب ما يجوز من الاشتراط ٣/ ٢٥٩)(١) .
كما استدلوا بحديث:((المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرم حلالا، أو أحل حرامًا)) (سنن الترمذي، كتاب الأحكام، ٣/ ٦٢٦، وقال: هذا حديث حسن صحيح) .
وأن الأصل في الشروط الصحة، وأن الشرط الجزائي شرط من مصلحة العقد، إذ هو حافز لإكمال العقد في وقته المحدد له، وحافز للوفاء بالعقود.
جواز العربون والشرط الجزائي:
إن إجازة الشرط الجزائي تقتضي إجازة العربون، نظرًا للتشابه الكبير بينهما، لا سيما في القوانين التي تجيز الشرط الجزائي بدون أي حق للقاضي في تعديل مبلغه، بالزيادة أو النقصان أو الإلغاء، لكي يتناسب المبلغ مع مقدار الضرر الفعلي.
وما سبق إثباته من فروق بين العربون والشرط الجزائي لا يستحق تفريقًا في الحكم الشرعي بينهما وإني أختار جوازهما بلا تفريق، وفي المبحث التالي سأبين أسباب جواز العربون.
رأينا في بيع العربون:
إني أميل في بيع العربون إلى اختيار مذهب الحنابلة المجيزين، بشرط أن تكون مدة الخيار معلومة فلعل أهم حجة للمانعين هي أن بيع العربون يتضمن خيارًا غير معلوم المدة وهذه حجة قوية، لذلك قيدنا جواز العربون بمعلومية المدة.
(١) وانظر فتح الباري ٥/ ٣٥٤، ومصنف عبد الرزاق، باب الشرط في الكراء، ٨ /٥٩، وإعلام الموقعين ٣/ ٤٠٠.