أنا من وجهة نظري الخاصة لا أرى مانعا من الأخذ بالقول بجواز بيع العربون لأن معظم القوانين أخذت به، فطالما كانت هذه القوانين تتفق مع رأي فقهي فالمسألة بسيطة. إنما الذي أريد أن أتحدث فيه أن بيع العربون بالنسبة لمذهب الإمام أحمد من قراءتي وبحثي فترة في هذا الموضوع فوجدت في مذهب الإمام أحمد أن هناك رأيين: رأي يقول بجواز بيع العربون ورأي يقول بعدم الجواز. ولعل الخلاف بين مذهب الجمهور وبين مذهب الإمام أحمد يرجع إلى نظرية الشرط (اشتمال العقد على شرط) ، فمن لا يجيز الشرط في العقد يقول ببطلان بيع العربون ابتداء بصرف النظر عن المبلغ المدفوع هل يستحقه البائع أو لا؟ فإذا قلنا مثلا إن العقد باطل لأنه اشتمل على شرط باطل فهذا العقد باطل عندهم بصرف النظر عن ما سيؤول إليه أمر العربون أو المبلغ المدفوع، أما من يجيز الشرط (اشتمال العقد على شرط) فيبقى النظر في مسألة المبلغ المدفوع في هذا البيع، هل يستحقه البائع أو لا يستحقه؟. الذي أتذكره الآن أن مذهب الإمام أحمد يجيز اشتمال العقد على شرط، ولكن لا يجيز للبائع أن يستحوذ على المال المدفوع، حتى قيل للإمام أحمد أو سئل في هذا، فقال: بأي شيء يستحقه؟ ! فهو يجيز العقد بمعنى إنه لا يبطل العقد ابتداء لأنه اشتمل على شرط، ولكن لا يجيز للبائع أن – في حالة عدم إتمام العقد – يستحوذ على المبلغ أو يقبضه.
الرأي الآخر، وهو رأي ورد في بعض كتب الحنابلة أجازوا هذا. وأعتقد ربما اختاروا رأيا مرجوحا أو رأيا ليس هو المشهور في المذهب.
الحالة الأخرى: إذا اشتمل العقد على شرط أنه إن امتنع المشتري عن إتمام البيع لا يستحق هذا المبلغ المدفوع، هذه صورة. الصورة الثانية، أن يخلو العقد من هذا الشرط. هذه صورة أخرى.
الصورة الثالثة: ذكرها الدكتور رفيق المصرى وكل القوانين الآن تأخذ بها، أن يكون هناك تعادل من المتعاقدين إذا رغب المشترى عن إتمام العقد لن يستحق المبلغ المدفوع، وإذا كان عدم إتمام العقد من البائع رد مثل العربون إلى المشترى، هذا المبحث لم يبحثه السادة الباحثون ما عدا الدكتور رفيق المصرى، ولم يعطونا رأيا صريحا فيه، أحب أن يكون هناك تعادل كما تأخذ به القوانين الوضعية. وشكرا لكم.