أكثر النقاط تفضل بعض الأخوة مشكورين بإبدائها، مع ذلك ألخصها، فإذا تقابل حديثا المانعين والمجوزين من حيث الكلام فيهما يبقى للمجيزين أدلة أخرى ترجح قولهم، هذه الأدلة متنوعة من المنقول والقياس والمعقول. فحديث نافع بن عبد الحارث لشرائه الدار وكالة عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يعتبر هذا فتوى صحابي وفتوى الصحابي أكثر العلماء قالوا بحجيتها وهي من النصوص، بالإضافة إلى الدليل الآخر يعني أكثر الصحابة ما أنكروا على فعل سيدنا عمر – رضى الله عنه – في دفعه للعربون. وأما الدليل الآخر من القياس فيمكن قياس العربون على الإقالة لأن العربون يكون بعد انعقاد العقد، والإقالة جائزة بأقل من الثمن بلا خلاف بين العلماء، وأما المعقول فواضح فيه تفويت مصلحة على البائع، وإذا لم يفت بالعربون فقد تكون فيها محاباة للمشتري، ثم تعارف كثير من الناس على العربون فإذا لم يكن في بلاد الهند ففي غير بلاد الهند تعارف الناس على دفع العربون وأنه من حق البائع، والعرف معتبر إذا لم يعارضه نص، كما تعتبر هناك نصوص ثابتة على فرض التكلم في حديث المانعين فلا يبقى هناك نص، والعرف إذا لم يعارضه نص فيكون معتبرًا عند الحنفية خاصة أنهم أخذوا بالعرف وكذلك عند الحنابلة.
أمر آخر أريد أن أوضحه أنه ينبغى تحديد مدة بيع العربون وإلا صار في الأمر جهالة وهذه فيها غرر. وإذا أجاز بعض العلماء الشرط الجزائي – بعض العلماء كما هو فتوى في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية أجازوا الشرط الجزائي – فمن باب أولى أن يجوز العربون. أرى جواز العربون في كل عقود المعاوضات طبعا إلا في الصرف فيشترط فيه التقابض وكذلك في المرابحة للآمر بالشراء، فالمرابحة للآمر بالشراء هذه ليست بعقد سواء يكون العربون بعد انعقاد العقد.
وأكتفى بهذا وشكرًا.
الشيخ محمد الشيباني:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أشكر الدكتور الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير على بحثه القيم كما أشكر إخوانه الذين شاركوه في البحث حول هذا الموضوع.