أعتقد أن المنهج يقتضي منا أولًا أن نناقش هذا العقد على ضوء الإطلاقات والعمومات الشرعية فإذا تم انسجامه معها نظرنا إلى النصوص الخاصة الواردة في مورده، وهل تنسجم مع العمومات أو أنها تخصص هذه العمومات وتمنع؟. وبعد ذلك إن لم يتم لدينا دليل اجتهادي نرجع إلى هذه الأصول العملية تقديم الإباحة وأصالة الصحة كما جاء في مقابل مسألة الحظر. الحقيقة العمومات كلها منجسمة مع هذا العقد: شرط في عقد الخيار والثمن في مقابل خيار، يعني الشيء في مقابل حق الخيار، هذا الشرط لا يحلل حراما ولا يحرم حلالاً ومشمول لعموم ((المؤمنون عند شروطهم)) والعقد داخل تحت عموم {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥] ، {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] كل هذه العمومات تشمل مثل هذا العقد من حيث العموم العام، أما إذا نظرنا إلى النصوص الخاصة فهي متعارضة كما رأيناها ومتناقضة وضعيفة كلها كما رأينا، فهي لا تصلح، مخصصة أو مانعة؛ لانطباق الأصول على هذا العقد فهو عقد تنطبق عليه هذه العمومات. والأصول العملية التي ذكرت – تقديم الحاظر أو تقديم أصالة الصحة – هذه أمور تأتي بعد أن تبطل لدينا العمومات والنصوص الخاصة، وقد رأينا العمومات شاملة، والنصوص الخاصة لا تستطيع أن تخصص هذه العمومات. على هذا الضوء – على ضوء الاشتراط – لا مانع من أن ينظر الخيار للبائع والمشتري والذي أصر أستاذنا الشيخ الضرير عى أن يكون لخصوص المشتري؛ لا مانع من أن ينظر الاثنان، لا مانع من أن يشمل الأمر كل العقود ما عدا بعض العقود الخاصة كالصرف لشروطها. وحينئذ فالعقد بنفسه عقد تام منسجم. عدم تحديد المدة ربما لا يشكل غررًا بعد وضوح كل جوانب الموضوع، وبعد وجود خيارات أيضا غير محددة بالمدة كما سمعنا، ومع ذلك أنا أرى أن نضيف في الفتوى عبارة (تحديد المدة) للاحتياط أو للجمع بين الأقوال وما إلى ذلك.
أود أن أشير إلى شيء من أدلة المنع والتى لم يذكرها المانعون، بعضهم استدل بمسألة قياس العربون على مسألة الإقالة بوضيعة، وخلافا لما تفضل به الأخ الذي قال: بوضيعة، مرفوضة باعتبار لا كعقد جديد يتفق المشتري مع البائع على أن يبيعه وإنما الإقالة فسخ والفسخ معناه أن يعود كل شيء إلى وضعه السابق فقاسوا مسألة العربون على مسألة منع الوضيعة في الإقالة، وهناك أيضا روايات تمنع هذا المعنى، لكني أعتقد أن القياس أيضا غير صحيح، هما بابان مستقلان، ذاك عقد مطلق وهذا عقد اشترط فيه من الأول هذا المعنى، فهذا الدليل أيضا وإن كنت ذكرته تقوية للمانعين؛ هذا الدليل أيضا لا يتم. ومن هنا فأرى أننا ننسجم مع الموجود لا أننا نخضع للواقع وإنما نجد له طريقا شرعيا كاملا مع العمومات، وأيضا نجنى الفوائد المترتبة على مثل هذا العقد، وهى فوائد تثبيت برمجة المشتري والبائع والاطمئنان بالعقود، ولذلك أنا مع الإخوة الذين أباحوا هذا العقد هذا الشرط شرط تحديد المدة. وشكرا.