للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يحتوي عليه هذا العقد من مفاسد:

إن بيع المزايدة من حيث الأصل لم أجد في كتب الفقهاء أي احتراز في جوازه، ولكن بعض التشريعات القانونية يفهم من التعمق في نصوصها ما يفيد أن هذا البيع لا يخلو من حيث الأصل من وجود جوانب سلبية. يفهم هذا من احتياطهم لتلكم النواحي السلبية في نصوص القوانين.

والقانون الفرنسي مثلا يمنع أي تاجر من اعتماد طريقة بيع المزايدة في ترويج سلعة. كما يمنع حتى بيع السلع الجديدة بالتفصيل بواسطة النداء سواء كان البيع بالزيادة أو النقص. ولو كان البيع بحضور المأمور القضائي بغير إذن من المحكمة.

إن هذا النص ما كان ليمنع التاجر من اختيار ترويج سلعته بهذه الطريقة إلا لأن هذه الطريقة فيها مضار خفية يحدثها بيع المزايدة للآخرين. خاصة إذا راعينا أن الأصل الذي تقوم عليه التجارة في الغرب هو حرية النشاط التجاري، قد يكون من هذه السلبيات التي أراد المشرع الفرنسي أن يصون حقوق الآخرين هي التالية:

١- إن بيع المزايدة قد يحدث ضررًا لتجار الجملة والتفصيل. فإن الإعلان والنداء وتجميع المشترين كل ذلك ظروف من فعل البائع قام بها ليحول المشترين إليه. وفي ذلك ضرر بزملائه التجار، يتمثل في كساد السوق لديهم. مع أن كل التجار لما انتصبوا للتجارة هم متساوون في الحقوق والواجبات التي منها الأداءات التي يدفعونها جميعًا إسهامًا منهم في تحصيل المال العام الذي ترتوي منه خزانة الدولة. فهذه ناحية لحماية التجار من آثار هذه الطريقة.

٢- إن البيع بالمزايدة يدخل فيه عامل نفسي وهو عامل المنافسة وحب الغلبة فتكون ظروف البيع قد أحكمت بطريقة يتقدم فيها المشتري في ظروف غير طبيعية ويستغل البائع تلك الظروف في التسلط غير المشروع في أصله على المشتري وهذه ناحية تفرض حماية المستهلك.

وبناء على المصلحة المرسلة في أصل حفظ المال، فإن الفقيه عليه أن يحتاط لمثل هذه النواحي ولا يطلق القول بجواز بيع المزايدة. كما أن الحاجة إليه على ما سنبينه تدعو إلى ضبط أحكامه وعدم منعه أصلًا.

أقسام البيع بالمزايدة:

ينقسم البيع بالمزايدة إلى أقسام:

أولا: في طريقة تنفيذه:

١- أن يعرض المكلف بالبيع، كصاحب السلعة أو الدلال أو المأمور القضائي أو السمسار، السلعة للبيع فيسجل الثمن المعروض أولا من أحد الراغبين في الشراء ثم يطلب ممن له رغبة أن يزيد حتى ينتهي إلى ثمن تقف عنده المزايدة ولا يتقدم أحد بعده.

٢- أن يعرض متولي البيع السلعة بثمن رفيع وما يزال ينادي مخفضًا الثمن من حد إلى حد حتى يتقدم من يقبل بالحد الذي وصل إليه.

والطريقة الأولى أكثر استعمالا في بيع المزايدة.

٣- أن يقع العرض في ظرف مختوم وهي طريقة قد تأخذ بها الدوائر الحكومية أو الشركات في بيع الأشياء المستعملة كالسيارات والأثاث إذ تعلن الجهة الراغبة في البيع عن السلع المعدة للبيع ومواصفاتها، وتعين مكان وجودها والأوقات التي يقبل فيها الراغبون في السلعة ويحدد أجل عروض الأثمان للشراء الذي يجب أن توضع في ظرف مختوم ويحتفظ بذلك إلى اليوم المعلن عنه لفتحها. فيفوز بالسلعة من كان عرضه أوفر قيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>