للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يدفع أجرة السمسار

الأصل أنه إذا كان هناك شرط عمل به. وأما إذا لم يكن هناك شرط فالأصل أنه يرجع فيه إلى العرف. وإن لم يوجد شرط ولا عرف فقال ابن عرفة: الذي يؤخذ من كلام المدونة أن الجعل على البائع (١) .

وتكلم صاحب اللامية في ما يبيعه القاضي من الرهن فذكر فيه خلافًا قال:

يبيع كما يدري ويقضي وإن يكن

بجعل ففي معطيه قولان اعملا

يقول التاودي في شرحه عليها:

القول الأول لابن القاسم: أن الجعل على طالب البيع. والثاني لعيسى: أن الجعل على الراهن. ورجح ابن رشد قول عيسى مستظهرا له، بأن الراهن مأمور بالقضاء واجب عليه فعله. فهو أولى بغرم ما يتوصل به إلى أداء الواجب عنه. ويلحظ ابن القاسم أن للراهن أن يقول: أنا لا أريد البيع للرهن لأني أرجو أن يتيسر لي الحق دون بيع، فإذا أردت تعجيله فأد الجعل (٢) .

حكم طلب الضمان

جرى العرف في بيع الدوائر الحكومية وكذلك الشركات والمؤسسات أن من وقفت عليه المزايدة ملزم بأن يدفع عربونًا بنسبة مقدرة مقدمة من الثمن كعشر الثمن، وأنه مطالب في أمد محدد أن يكمل الإجراءات ويدفع باقي الثمن، وأنه إن لم يوف بالتزامه خسر العربون وتعاد البتة.

والعربون يدفع غالبا في صورة صك مضمون القيمة. فهل يجوز أخذ العربون؟

انفرد أحمد من بين المذاهب الأربعة بتجويز بيع العربون. يقول النووي: فرع: قال ابن المنذر: روينا عن ابن عمر وابن سيرين جوازه، قال: وقد روينا عن نافع ابن عبد الحارث أنه اشتري دارا بمكة من صفوان بن أمية بأربعة آلاف فإن رضي عمر فالبيع له، وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة.

قال ابن المنذر: وذكر لأحمد بن حنبل حديث عمر فقال: أي شيء أقدر أقول (٣) .

والعربون لم يرد فيه حديث صحيح يمنعه. كما لم يرد فيه نص صحيح يجيزه. إذ أن فعل عمر خرجه ابن قدامة على صورة فقال: أما إن دفع إليه قبل البيع درهمًا وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري، وإن لم أشترها فهذا درهم لك، ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدأ وحسب الدرهم من الثمن صح؛ لأن البيع خلا عن الشرط المفسد. ويحتمل أن الشراء الذي اشتري لعمر كان على هذا الوجه، فيحمل عليه جمعًا بين فعله وبين الخبر وموافقة للقياس؛ إذ لا يصح جعله عوضًا عن انتظاره وتأخير بيعه من أجله، إذ لو كان عوضًا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء. ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه. ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار كما في الإجارة (٤) .

ولا شك أن المخاطرة موجودة، إذ قد يعجز المشتري عن جمع المقدار المتبقي فيذهب العربون وقد يتمكن من الوفاء بالثمن فيعتبر العربون جزءا من الثمن.

ولكن العمل جري في القوانين والمحاكم تبعًا لذلك في البلدان الإسلامية بقبول مبدأ العربون، وأن البائع إما أن تتم البيعة فيقبض الثمن المتفق عليه، وإما أن ينكل فيعوض البائع عن تفويت الفرص التي تسبب فيها المشتري وذلك بفوزه بالعربون (٥) .


(١) مواهب الجليل: (٤ / ٤٥٢)
(٢) حاشية التسولي على شرح ميارة للامية الزقاق: ص٣٧ - ٣٨
(٣) المجموع: (٩ / ٣٣٥)
(٤) المغني: (٤/ ٢٥٨)
(٥) المدخل الفقهي: (١ / ٤٩٥) ، فقرة ٢٣٤، وإعلام الموقعين: (٣ / ٢٧٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>