للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤-مذهب أحمد

النجش: أن يزيد في السلعة من لا يريد ليقتدي به المستام فيظن أنه لم يزيد فيها هذا القدر إلا وهي تساويه فيغتر بذلك فهذا حرام وخداع (١) .

وحاصل تتبع المذاهب أن النجش حرام، وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، وإن النجش جائز إذا لم تبلغ السلعة قيمة مثلها. وهذا مذهب الحنفية. وفهم ابن عرفة ومن تبعه من كلام مالك. وقول عند الشافعية، أن النجش في هذه الحالة مأجور صاحبه، وهو ما نقل في كتب الحنفية ومذهب ابن العربي.

ويترجح عندي أن النجش حرام بدون تفصيل. وذلك لأن المتابعين يعمل كل واحد منهما على الفوز بما هو أحظى له، وهو مشروع لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] فتغليب أحد الطرفين بدخول طرف ثالث خفية هو تغليب لأحد الطرفين على الآخر، ولأن شأن المخدوع بزيادة الطرف الأجنبي أن يجد في نفسه على الطرف الذي خدعه، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث - مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر اخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)) (٢) .

فما تقدم عن النجش وما تأخر عنه يؤكد تحريم تدخل طرف يترتب على تدخله تباغض وتدابر.

حكم العقد الذي وقع فيه نجش

إذا اطلع المشتري على أنه قد خدع بالنجش؛ فقد اختلف الفقهاء فيما يترتب على ذلك:

١-أن البيع باطل. وإليه ذهب أحمد واختاره أبو بكر؛ لأن النهي يقتضي الفساد (٣) .

٢- أن العقد صحيح ولا خيار للمشتري لأنه فرط وكان عليه أن يتحوط قبل العقد ويسأل إن كان غير خبير بالقيم. قال ابن نجيم: إن بيع النجش منهي عنه لمجاور، فكراهته كراهة تحريم مع الصحة (٤) . وقال في المغني: والأصح أنه لا خيار للمشتري في تفريطه حيث لم يتأمل ولم يراجع أهل الخبرة.

والثاني: له الخيار للتدليس كالتصرية. ويحل الخلاف عند مواطأة البائع للناجش وإلا فلا خيار جزما (٥) .


(١) المغني: (٤ / ٢٣٤)
(٢) إكمال الإكمال: (٧ / ١٨ – ١٩)
(٣) المغني: (٤ / ٢٣٤)
(٤) البحر: (٦ / ٣٧)
(٥) مغني المحتاج: (٢ / ٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>