٣- أن المشتري بالخيار إن شاء رد السلعة وإن شاء أمسكها. فإن فاتت رجع بالقيمة ما لم تكن القيمة أقل من الثمن قبل النجش، فإن نقصت لزمه الثمن لا القيمة ومثال ذلك أن يعطي فيها عشرة مثلا، ثم زاد فيها شخص لغيره فبيعت بخمسة عشر وفاتت السلعة بيد مشتريها فخير فاختار القيمة فقومت بثمانية مثلا، فإنه يلزم بدفع عشرة عند ابن عبد السلام، ولم يرتض ابن عرفة كلام ابن عبد السلام في هذه الصورة، ورجح الرهوني نظرية ابن عبد السلام لأن المشتري لما بذل العشرة طائعا فهو ملتزم بها فيسقط ما زاد على ما التزمه (١) .
وأعدل الأقوال ثبوت الخيار للمشتري؛ لأنه لا موجب لإبطال العقد من أصله،
لأن النهي ها هنا يمكن إعماله مع بقاء العقد. إذ هو عائد لا إلى أصل العقد بل لأمر خارج عنه مجاور له. ولأنه لا عدل في إلزام المشتري بما تآمر عليه البائع وظلمه فيه والظلم يزال، ولا يصح أن يقره الشارع الحكيم، فبان أن القول بفساد العقد هو كالقول بصحته، وأن خيار المشتري فيه العدل وإعمال لجميع الأدلة.
من أوجه النجش
إن التعريف الذي ارتضيناه هو أن بيع النجش هو الذي يدخل فيه طرف ثالث ليغري غيره بالشراء فيرتفع ثمن المبيع تبعا لتدخله. وهذا التدخل يشمل الزيادة ممن لا يرغب في الشراء، كما يشمل مدح السلعة والتأثير على المشتري ليغريه بالشراء، وفي المجتمع الاستهلاكي أخذت أجهزة الإعلام تقوم بدور مؤثر للإقبال أكثر فأكثر على الاستهلاك، ثم التلاعب بعواطف الجماهير واستغفالهم. وهذه الأساليب إن كانت صادقة كاشفة عن حقيقة المبيعات فإن تأثيرها على عقلية الأفراد والشعوب تأثير سيء إذ تجعلها مولعة بالإسراف.
وما كان الإسراف إلا منهجا مفسدا لا يرضى عنه الدين: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (١٥٢) } [الشعراء: ١٥١ – ١٥٢] .
وأما إذا كانت كاذبة مخادعة، فهي من أنواع النجش الذي تحدثنا عنه، إذ تخدع المشتري فيبذل في السلعة أفضل من قيمتها، ولما كانت الدول الإسلامية تراقب أجهزة الإعلام فعليها أن تضبط بتشريع واضح حدود الإعلام والدعوة إلى الإقبال على الشراء والاستهلاك سواء كان البيع بيع مزايدة أو غيره من أنواع البيوع.