للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآثار المروية في مشروعية بيع المزايدة:

"أخرج عبد الرزاق من طريق عمر بن عبد العزيز أن عاملا له باع سبيًا، فقال له: لولا أني كنت أزيد فأنفقه لكان كاسدًا، فقال له عمر: هذا نجش لا يحل، فبعث مناديًا ينادي: أن البيع مردود، وأن البيع لا يحل" (١) .

وهذا يدل على أن التعامل ببيع المزايدة شائع، وإن مشروعيته محل اتفاق في المجتمع الإسلامي في عصوره المبكرة، والذي أنكره الخليفة الراشد في هذا البيع هو النجش لا غير.

ومن الآثار ما جاء في الموطأ عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه قال: "ولا بأس بالسوم بالسلعة توقف للبيع فيسوم بها غير واحد. قال: ولو ترك الناس السوم عند أول من يسوم السلعة أخذت بشبه الباطل من الثمن، ودخل على الباعة في سلعهم المكروه والضرر، قال: ولم يزل الأمر عندنا على هذا" (٢) .

يذكر الإمام أبو عمر يوسف بن عبد البر تعليقا على هذا الأثر قوله: " قال أبو عمر: أقوال الفقهاء كلهم في هذا الباب متقاربة المعنى، وكلهم قد أجمعوا على جواز البيع فيمن يزيد، وهو يفسر لك ذلك" (٣) .

المبحث الثالث: الأحاديث والآثار المعارضة

وقد عورضت الأحاديث والآثار السابقة بالأحاديث التالية:

أولا: ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن زيد بن أسلم قال: "سمعت رجلا سأل عبد الله بن عمر عن بيع المزايدة، فقال ابن عمر: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم على بيع أخيه إلا الغنائم والمواريث" (٤) . والحديث يدل ظاهره أن بيع المزايدة لا يجوز إلا في الغنائم والمواريث.... وقد أخذ بظاهره الأوزاعي، وإسحاق، فخصا الجواز ببيع المغانم والمواريث، وعن إبراهيم النخعي أنه كره بيع من يزيد" (٥) .


(١) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (٤ / ٣٥٥)
(٢) موطأ الإمام مالك بشرح تنوير الحوالك (مصر: عبد الحميد أحمد حنفي) ، (٢ / ١٧٠)
(٣) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، الطبعة الأولى، تحقيق أحمد أعراب، (المغرب: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، عام ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م) ، (١٨ / ١٩١)
(٤) الساعاتي، أحمد عبد الرحمن البنا، الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد مع مختصر شرحه بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، الطبعة الأولى، (مصر: طبع على نفقة المؤلف، عام ١٣٧٠ هـ) (١٤ / ٥٢)
(٥) الساعاتي، أحمد عبد الرحمن البنا، بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، ١٤ / ٥٢ – ٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>