للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: ما أخرجه البزار من حديث سفيان بن وهب: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع المزايدة ".

وقد أجاب المحدثون عن الحديثين السابقين بما يلي:

١- أن الاستثناء في حديث ابن عمر استثناء منقطع، إذ أن بيع الرجل على بيع أخيه نوع، والمزايدة نوع آخر؛ إذ الأول كما فسره الإمام مالك رحمه الله: " تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يبع بعضكم على بعض)) . فيما نرى – والله أعلم – أنه إنما نهى عن أن يسوم الرجل على سوم أخيه إذا ركن البائع إلى السائم، وجعل يشترط وزن الذهب، ويتبرأ من العيوب، وما أشبه مما يعرف به البائع؛ أراد مبايعة السائم فذلك الذي نهى عنه. والله أعلم" (١) .

فالنهي في الحديث محله عند الموافقة من البائع، والركون إلى المشتري، فأما البيع والشراء فيمن يزيد فإن الثمن لم يرض به صاحب السلعة، ولم يركن إلى المساوم، وحينئذ يجوز لغيره طلب شرائها قطعا، ولا يقول أحد: إنه يحرم السوم بعد ذلك قطعًا (٢) .

وبالنسبة للحديث الذي رواه البزار من حديث سفيان بن وهب، يقول العلامة ابن حجر في شرحه لأحاديث الباب الذي عقده الإمام البخاري لبيع المزايدة قائلا: " وكأن المصنف أشار بالترجمة إلى تضعيف ما أخرجه البزار من حديث سفيان بن وهب: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع المزايدة، فإن في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف" (٣) .

ولما لم يبلغ هذا الحديث في الصحة الدرجة التي وصلت إليها الأحاديث الدالة على جواز بيع المزايدة ومشروعيته فإنه لا يرقى إلى أن يكون معارضا لها؛ إذ من شروط التعارض المساواة في درجة الصحة، وهي منتفية في هذا الحديث.


(١) ابن عبد البر، التمهيد، (١٨ / ١٩١)
(٢) انظر العيني، بدر الدين، عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري (١١ / ٢٦٠)
(٣) فتح الباري، (٤ / ٣٥٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>