للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العلامة أحمد سعيد المجليدي:

" ولا بأس بسؤال بعض الحاضرين ليكف عن الزيادة، ولا يقول ذلك للكل" (١) .

* دعوى الغبن في عقد المزايدة:

تقبل دعوى الغبن في عقد المزايدة. "قال ابن عرفة: قال ابن عات عن المشاور: إن أكرى ناظر الحبس (الوقف) على يد القاضي ربع الحبس بعد النداء عليه والاستقصاء، ثم جاءت زيادة لم يكن له نقض الكراء، ولا قبول الزيادة إلا أن يثبت بالبينة أن في الكراء غبنا على الحبس، فتقبل الزيادة، ولو ممن كان حاضرا....، وزعم التسولي: أن بيع المزايدة لا يقام فيه بالغبن اتفاقًا..." (٢) . غير أن ما قاله التسولي رفضه بعض الفقهاء ونقضوه بأدلة عديدة.

قال العلامة المهدي بن عمر بن محمد بن الخضر الوزاني الحسني العمراني: "إن الاعتماد على كلام التسولي في هذه القضية غير صواب، وأنه من الخطأ بلا شك ولا ارتياب" (٣) .

المبحث الثاني: (الدلال) سلوك وتصرفات وأحكام

الدلال: "محترف الدلالة، وهي المناداة على البضائع في الأسواق" (٤) .

يتميز عقد المزايدة عن عقد البيع من الناحية الشكلية بوجود ما يسمى بـ (الدلال) ، أو السمسار (٥) ، وهو عنصر رئيس في شكل هذا البيع، وهو وكيل عن صاحب السلعة عرضا، ومزايدة، وإيجابًا للبيع وكالة عن صاحب السلعة، وهذا يفرض عليه خصائص وصفات أخلاقية سلوكية يتوجب أن تتوافر فيه: كالديانة، والأمانة، والصدق؛ لتتماشي سلوكياته مع ما هو مطلوب شرعا في المعاملات، وتتأكد في هذا العقد لما لها من تأثير إيجابا وسلبا على المتبايعين، وعلى سلامة السوق، كما تتعلق به وبعمله أحكام شرعية لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، لأنها تؤثر على العقد صحة وبطلانا: كأن لا يزيد في السلعة من نفسه، وأن لا يزيد فيها لحسابه، أو مشاركة مع غيره، وغير ذلك مما ورد في مدونات الحسبة، وقد أتي على تعداد قسم منها العلامة محمد بن محمد بن أحمد القرشي المعروف بـ (ابن الأخوة) قائلا:

" ينبغي أن لا يتصرف أحد من الدلالين حتي يثبت في مجلس المحتسب ممن يقبل شهادته من الثقاة العدول من أهل الخبرة أنهم أخيار ثقاة من أهل الدين، والأمانة، والصدق في النداء؛ فإنهم يتسلمون بضائع الناس ويقلدونهم الأمانة في بيعها.

ولا ينبغي لأحد منهم أن يزيد في السلعة من نفسه، إلا أن يزيد فيها التاجر. ولا يكون شريكا للبزاز، ولا يقبض ثمن السلعة من غير أن يوكله صاحبها في القبض.


(١) كتاب التيسير في أحكام التسعير، تقديم وتحقيق موسى لقبال، (الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع) ، ص ٨٧
(٢) انظر: الونشريسي، المعيار المغرب، ٥ / ٣٨
(٣) تحفة الحذاق بنشر ما تضمنته لامية الزقاق، ص ٣٠٣، ٣٠٤
(٤) المجيلدي، أحمد سعيد، كتاب التيسير في أحكام التسعير، ص٩٣
(٥) وهو في العرف العام مرادف الدلال ويذكر في تعريفه: "السمسار: محترف السمسرة، وهي الوساطة بين المتعاقدين، والسمسار من يسعى إلى التقريب بين الاثنين، وتعرف أجرته التي يتقاضاها على عمله بالسمسرة أيضا" المجيلدي، أحمد سعيد، كتاب التيسير في أحكام التسعير، ص ٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>