للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعد الثانية: المباشر ضامن، وإن لم يكن متعديا:

وحاصل هذه القاعدة أن من باشر الإضرار بالغير، فهو ضامن للضرر الذي أصابه بالمضرور بفعله، وإن لم يكن المباشر متعديا، بمعني أنه لم يكن فعله محظورا في نفسه، وهذا كالنائم الذي انقلب على آخر فقتله، فإنه قد باشر القتل، مع أن نومه لم يكن محظورا في نفسه، ولذلك يضمن دية المقتول.

وإن هذه القاعدة قد ذكرها الفقهاء بعبارات متقاربة، واتفقوا على مضمونها، وهي من أهم القواعد المتبعة في مسئلة ضمان الضرر، ولكن ربما وقع هناك اشتباه في فهمها وخطأ في تطبيقها على بعض الجزئيات، فيجب أن تدرس القاعدة بدقة في مفهومها الصحيح.

١- فالاشتباه الأول إنما وقع من جهة أن بعض الفقهاء ذكروا القاعدة بلفظ " المباشر ضامن، وإن لم يتعمد " وقد وقعت القاعدة بهذه اللفظ في "مجلة الأحكام العدلية" (مادة ٩٢) وشرحها بعض العلماء بأنه لا يشترط لتضمين المباشر أن يكون متعمدا، ولكن بشرط أن يكون متعديا، فقال الشيخ أحمد الزرقاء (١) :

"المباشر للفعل... ضامن لما تلف بفعله، إذا كان متعديا فيه" وهذا ظاهر في أنه يشترط لتضمين المباشر أن يكون متعديا، مع أن معظم الفقهاء ذكروا أنه لا يشترط التعدي لتضمين المباشر، فمثلا قال الزيلعي (٢) :

"وغيره تسبيب، وفيه يشترط التعدي، فصار كحفر البئر في ملكه وفي المباشرة لا يشترط".

وقال ابن غانم البغدادي رحمه الله (٣) :


(١) في كتابه القيم "شرح القواعد الفقهية" ص (٣٨٥) ، قاعدة (٩٢)
(٢) تبيين الحقائق للزيلعي: ٦ / ١٤٩
(٣) مجمع الضمانات، ص (١٦٥) ، باب (١٢) ، فصل (١)

<<  <  ج: ص:  >  >>