للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

أثر المسؤولية في التعويض والزجر

أولا – أثر المسؤولية في التعويض

يقصد بالتعويض في القانون جبر الضرر الذي لحق بالمصاب، وهو مختلف عن العقوبة التي يقصد بها مجازاة الجاني على فعلته للردع والزجر، والتعويض يقدر بقدر الضرر، أما العقوبة فتقدر بقدر خطأ الجاني ودرجة خطورته، والتعويض يكون عينيًّا ونقديًّا؛ فالتعويض العيني كما لو كسر شخص لوحا من الزجاج مملوكا للغير، فحكم عليه بإعطائه لوحا غيره من نوعه ...... وهكذا غير أنه يتعذر في أحوال كثيرة، فيتعين التعويض النقدي. والقاعدة في تقدير التعويض النقدي: أن يقدر بقدر الضرر من مراعاة الظروف الملابسة، ويشمل ما لحق المصاب من خسارة وما ضاع عليه من كسب؛ بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار.

ويكون تقدير مبلغ التعويض داخلا في سلطة القاضي (١) .

هذا في الفقه الوضعي وما يجري عليه العمل في المحاكم. أما في الفقه الإسلامي فإن التعويض بالمعنى السابق لا يكاد يكون معروفا في كتب الفقه الإسلامي إلا في القليل النادر، وإنما المستعمل لفظة (الضمان) يقال: ضمان المتلفات؛ وإبدال المتلفات، أو بدل المتلفات وقيم المتلفات بالنسبة للأموال، وضمان الجناية في حق الأبدان، وفارقت الأبدان الأموال في أن ضمان الأبدان مقدر من قبل الشارع، إلا في حالات قليلة تقديرها من قبل العدول وتسمى حكومة العدل، بخلاف الأموال فلم يأت في تقديرها شيء من قبل الشارع، بل ترك أمر التقدير فيها إلى الناس وتختلف باختلاف المواضع.

يقول السرخسي: وضمان الجناية إنما يفارق ضمان المتلفات في كونه مقدر شرعا، وأدن ذلك أرش الموضحة، فما دون ذلك بمنزلة ضمان المتلفات (٢) .


(١) الوسيط: ١ / ٦٦٩، ٩٧١، والمذكرة التفسيرية للقانون المدني الكويتي ص ٢٣٩ وما بعدها في تعليقها على المواد ٢٤٥ – ٢٧٤
(٢) المبسوط: ٢٦ / ٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>