للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول العلامة الصاوي في حاشيته على أقرب المسالك: إن تصادم المكلفين أو تجاذبهما حبلا أو غيره فسقطا راكبين أو ماشيين قصدا فماتا فلا قصاص لفوات محله، وإن مات أحدهما فحكم القود يجري بينهما، أو حملا على القصد عن جهل الحال لا على الخطأ، عكس السفينتين إذا تصادمتا وجهل الحال فيحملان على عدم القصد لكنه يستدرك ويقول: إن الراجح أن العجز الحقيقي في المتصادمين فيه ضمان الدية في النفس والقيمة في الأموال (١) . ويقول الشافعية: إن في اصطدام الفارسين إذا ماتا وجب على كل واحد منهما نصف دية الآخر، إلا ما جاء عن المزني أنه إذا استلقى أحدهما فانكب الآخر على وجهه وجب على المكب دية المستلقي وهدر دمه؛ ولكن الراجح الأول. وأما اصطدام السفينتين فإن كان بتفريط من الملاحين بأن قصرا في آلتيهما أو قدرا على ضبطهما أو سيرا في ريح شديدة لا تسير السفن في مثلها، وإن كانت السفينتان وما فيهما لهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها ويهدر النصف، وإن كانت لغيرهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينته ونصف قيمة ما فيها، ونصف سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها. وإن قصدا الاصطدام وشهد أهل الخبرة أن مثل هذا يوجب التلف وجب على كل واحد منهما القصاص لركاب سفينته وركاب سفينة صاحبه. وإن لم يفرطا ففي الضمان قولان: أحدهما يجب في اصطدام الفارسين إذا عجزا عن ضبط الفرسين، والثاني لا يجب لأنها تلفت من غير تفريط منهما، فأشبه ما إذا تلفت بصاعقة. واختلف أصحابنا في موضع القولين فمنهم من قال: القولان إذا لم يكن من جهتهما فعل، فإن كانت السفن واقفة فجاءت الريح فقلعتها، فأما إذا سيرا ثم جاءت الريح فغلبتهما ثم اصطدما وجب الضمان قولا واحدا؛ لأن ابتداء السير كان منهما فلزمهما الضمان كالفارسين. وقال أبو إسحاق (٢) .


(١) حاشية الصاوي على أقرب المسالك: ٤ / ٣٤٦
(٢) هو إبراهيم بن أحمد المروزي، أبو إسحاق المروزي، فقيه شافعي انتهت إليه رياسة الشافعية بالعراق بعد ابن سريج، ولد بمرو الشاهجان، فقيه خراسان، وتوفي بمصر الموسوعة الفقهية، الجزء الثاني ص ٤٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>