للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو سعيد (١) القولان في الحالين (٢) .

ونخلص من ذلك أن التصادم وما ينتج عنه من حوادث السير هو من هذا القبيل، وتجب الدية في الأنفس والأطراف وضمان المتلفات من الأموال.

والقاعدة في لزوم الدية في هذه الأحوال ومسؤولية السائق هو أن تكون الجناية قد وقعت نتيجة لخطئه بحيث يكون الخطأ هو العلة التي أدت إلى الوفاة، وتحقق رابطة السببية بين الخطأ والوفاة علاقة السبب بالمسبب، فإذا انعدمت رابطة السببية فلا مسؤولية على الجاني، وقد سبق بيان كل هذا فيما تقدم من الأمثلة فلا نعيدها هنا. وسبق أن بينا أيضا مذاهب العلماء في حالة التصادم وأنهم افترقوا فريقين:

فريق ذهب إلى أن على كل واحد من المصطدمين ضمان ما تلف من الآخر من نفس أو دابة أو مال، سواء كانت الدابتان فرسين أو بغلين أو حمارين أو جملين، أو كان أحدهما فرسا والآخر غيره سواء كانا مقبلين أو مدبرين، وهذا مذهب أبي حنيفة وصاحبيه وإسحاق.

وقال مالك والشافعي: على كل واحد منهما نصف قيمة ما تلف من الآخر؛ لأن التلف حصل بفعلهما، فكان الضمان منقسما عليهما، كما لو جرح إنسان نفسه وجرحه غيره فمات منهما (٣) .

كما بينا حالات انعدام السببية أو الرابطة بين الفعل والضرر؛ كأن يكون نتيجة قوة قاهرة، أو حادث فجائي، أو فعل المضرور أو الغير مع الأمثلة، ولكن لا بد من الإشارة إلى الاشتراك في الخطأ وله حالات:

الأولى: أن يجتمع المباشر مع المتسبب، فالمسؤولية تسند إلى المباشر دون المتسبب ولا يكون المتسبب مسؤولا عن جبر الضرر إذا كان السبب لا يعمل بانفراده في الإتلاف كراكب الدابة وسائقها، فالراكب يعتبر مباشرا لما وطئت الدابة، أما السائق فيعتبر متسببا، لكن في حوادث السيارات يتعين أن يكون العكس فيعتبر السائق مباشرا.


(١) هو الحسن بن أحمد بن يزيد المعروف بالاصطخري، فقيه من شيوخ الشافعية، كان من نظراء ابن سريج، ولي قضاء قم ثم حسبة بغداد، من كتبه أدب القضاء، قال ابن الجوزي: لم يؤلف مثله. والفرائض، والشروط والوثائق والمحاضر والسجلات – الموسوعة الفقهية: ١ / ٣٤١، و١٥ / ٣٠٣
(٢) المهذب: ٢ / ١٩٤
(٣) المغني لابن قدامة: ٩ / ١٧٣، المهذب: ٢ / ١٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>