للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا فحديث ابن عمر في المعاوضة عما في الذمة صريح في الجواز (١)

وهؤلاء المانعون استدلوا بالحديث السابق وهو: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره..)) وقد سبق أن الحديث ضعيف جدًا لا ينهض حجة، وأنه يحتلم معاني أخرى كما سبق، قال ابن القيم "ولو صح لم يتناول محل النزاع، لأنه لم يصرف المسلم فيه في غيره وإنما عاوض عن دين السلم بغيره، فأين المسلم فيه من رأس مال السلم؟ (٢) واستدلوا كذلك بأنه مضمون على المسلم إليه بعقد السلم، فلم تجز المعاوضة عليه قبل قبضه وحيازته كالمسلم منه.

ويجاب عنه بأن قياسكم المنع على نفس المسلم فيه، فالكلام فيه أيضًا قد تقدم وأنه لا نص يقتضي المنع، ولا إجماع ولا قياس.

وقال ابن القيم: "ثم لو قدر بتسليمه لكان الفرق بين المسلم فيه، ورأس المال السلم واضحًا، فإن المسلم فيه مضمون بنفس العقد، والثمن إنما يضمن بعد فسخ العقد فكيف يلحق أحدهما باآخر؟ فثبت أنه لا نص في المنع، ولا إجماع، ولا قياس" (٣)

ثم بين ابن القيم أن حكم رأس المال في السلم بعد الفسخ حكم سائر الديون، ولك لا يجوز أن يجعل سلمًا في شيء آخر، وأنه إذا أخذ فيه أحد النقدين عن الآخر وجب قبض العوض في المجلس، لأنه صرف بسعر يومه، لأنه غير مضمون عليه، وإن عاوض عن المكيل بمكيل، أو عن الموزون بموزون من غير جنسه كقطن بحرير، أو كتان، وجب قبض عوضه في مجلس التعويض، وإن بيع بغير مكيل، أو موزون كالعقار والحيوان فهل يشترط القبض في مجلس التعويض؟ فيه وجهان:

أصحهما: لا يشترط، وهو منصوص أحمد.

والثاني: يشترط (٤)


(١) شرح سنن أي داود للحافظ ابن القيم بهامش عون المعبود (٩ / ٣٦٠) ، ويراجع مذهب أبي حنيفة في حاشية ابن عابدين: (٤ / ٢٠٩) ، لكنه أجاز الاستبدال في حالة كون عقد السلم فاسدًا
(٢) المرجع السابق
(٣) شرح سنن أبي داود لابن القيم: ٩٣٦٠) ، ويراجع المذهب الشافعي في الروضة: (٣ / ٤٩٣) .
(٤) شرح سنن أبي داود لابن القيم بهامش عون المعبود: (٩ / ٣٦١)

<<  <  ج: ص:  >  >>