للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب المالكية إلى تفصيل فيه على أربعة آراء (١) ، قال القرافي: "واعلم أن الفقهاء اختلفوا في الوعد: هل يجب الوفاء به شرعًا أم لا؟

قال مالك: إذا سألك أن تهب له دينارًا، فقلت: نعم، ثم بدا لك، لا يلزمك، ولو كان افتراق الغرماء عن وعد، وإشهاد لأجله، لزمك، لإبطالك مغرمًا بالتأخير، قال سحنون: الذي يلزم من الوعد قوله: اهدم دارك، وأنا أسلفك ما تبني به، أو اخرج إلى الحج وأنا أسفلك، أو اشتر سلعة، أو تزوج امرأة وأنا أسلفك، لأنك أدخلته بوعدك في ذلك، أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به، بل الوفاء من مكارم الأخلاق.

وقال أصبغ: يقضى عليك به، تزوج الموعود أم لا. وكذا أسلفني لأشتري سلعة كذا، لزمك تسبب في ذلك أم لا..." (٢)

لكن الراجح لدى الكثيرين في مذهب مالك هو رأي ابن القاسم وسحنون القائل بأنه يقضى بوجوب الوفاء إذا كان على سبب، ودخل الموعود في سبب (٣)

والذي ظهر لنا رجحانه أن الوعد ملزم مطلقًا إلا إذا دل خاص بعدم إلزاميته (٤)

غير أن مجمع الفقه الإسلامي الموقر قد أخذ بالرأي القائل بإلزامية الوعد إذا كان معلقًا على سبب، ودخل الموعود في كلفة، حيث نص في قراره بالدورة الخامسة التي عقدت بالكويت من ١ إلى ٦ جمادى الأولى ١٤٠٩هـ، قرار رقم ٢، ٣ على ما يلي:

"ثانيًا: الوعد: (وهو الذي يصدر من الآمر، أو المأمور على وجه الانفراد) يكون ملزمًا للوعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقًا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد.


(١) انظر: الفروق للقرافي: (٤ / ٢٤ـ٢٥) ، وإدرار الشروق المطبوع بهامش الفروق: (٤ / ٢٤) ، وفتح العلي المالك: (١ / ٢٥٤)
(٢) الفروق: (٤ / ٢٤ـ٢٥)
(٣) يراجع إدرار الشروق على أنوار الفروق: (٤ / ٢٤) ، وفتح العلي المالك: (١ / ٢٥٤)
(٤) ويراجع للمزيد من التفصيل: مبدأ الرضا في العقود ـ ط. دار البشائر عام ١٩٨٥م: (٢ / ١٠٣٢ وبعدها) ، حيث دافعت كثيرًا عن إلزامية الوعد وبرهنت على ذلك بكثير من الأدلة، وبعد طبع هذا الكتاب بفترة اطلعت على كتاب فضيلة الشيخ القرضاوي: بيع المرابحة للأمر بالشراء، فوجدته يتجه نحو هذا الرأي ويرجحه بأدلة معتبرة، فراجعها ص: (٨٧ـ ١٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>