للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- الاستفادة من المقاصة:

حيث فصل الفقهاء فيها ولا سيما المالكية، وقالوا: إنها " إسقاط ما لك من دين على غريمك في نظير ما له عليك بشروطه" (١) . أي بشروط الإسقاط.

والمقاصة قد تكون جائزة، وقد تكون واجبة، والغالب عليها الجواز، ووجوبها في ثلاث أحوال وهي: " إذا حل الدينان، أو اتفقا أجلًا، أو طلبها من حل دينه فإن المذهب وجوب الحكم بها". (٢)

وقد فصل علماء المالكية تفصيلًا للحالات التي يمكن أن تقع فيها المقاصة فبلغت ثمان وأربعين حالة، لخصها الدردير فقال: " واعلم أن الدينين إما من بيع، أو من قرض، أو مختلفين، وفي كل إما أن يكونًا عينًا، أو طعامًا، أو عرضًا" الدسوقي: " فهي تسعة أحوال، وفي كل إما أن يكون الدينان حالين، أو أحدهما حالا، والآخر مؤجلًا، أو يكونا مؤجلين متفقين في الأجل، أو مختلفين فيه، فالجملة ست وثلاثون حالة " وعلق الشيخ محمد عليش على ذلك فقال: "بل ثمان وأربعون حالة، أسقط المحشي منها اثنتي عشرة صورة اختلافهما قدرًا وصفة، وحكمها حكم صور اختلاف القدر فقط (٣)

٧ - ٧ ـ والاستفادة من بيع الدين بالدين إذا لم يكونا نسيئين:

فالتحقيق (٤) أن الممنوع منه هو بيع الدين النسيء بالدين النسيء؛ لأن الإجماع على منع "الكالئ بالكالئ " وهو كما فسره علماء اللغة العربية وغريب الأحاديث: بيع النسيئة بالنسيئة، وهي التأخير (٥) ، قال البيهقي: قال أبو عبيدة: " هو النسيئة بالنسيئة" (٦)

وأما الفقهاء فقد اختلفوا في تفسيره اختلافًا كبيرًا أثر في وجهات نظرهم في حكمه، لكن المجمع عليه هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: " قال أحمد: لم يصح منه ـ أي في النهي عن بيع الكالئ بالكالئ ـ حديث، ولكن هو إجماع، وهذا مثل أن يسلف إليه شيء مؤجل، فهذا الذي لا يجوز بالإجماع ثم قال ابن تيمية: "وإذا كان العمدة في هذا هو الإجماع، والإجماع إنما هو في الدين الواجب بالدين الواجب كالسلف المؤجل من الطرفين ".


(١) الشرح الكبير: (٣ / ٢٢٧)
(٢) المرجع السابق نفسه
(٣) انظر الشرح الكبير للدردير، مع حاشية الدسوقي، وتقريرات الشيخ محمد عليش على الشرح، والحاشية: (٣ / ٢٢٧) فنجد فيها هذه الصور: (ص٢٢٧ـ٢٣١) .
(٤) قام الأخ الدكتور: نزيه حماد بتحقيق هذه المسألة، وأجاد فيها فليراجع كتابه: دراسات في أصول المداينات، ط. دار الفاروق، ص: (٢٤٢ وما بعدها)
(٥) يراجع: لسان العرب مادة: كلأ، وغريب الحديث لأبي عبيدة: (١ / ٢٠) .
(٦) السنن الكبرى: (٥ / ٢٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>