فالتفريط بسر المهنة يقوض صرح المهنة الطبية، فيحرم الإنسانية مما لا غنى لها عنه، وفي هذا بلاء خطير وشر مستطير وخسارة فادحة.
على أن لكل قاعدة شواذاً تمليها ضرورة أقوى منها، وتحديد الشواذ من مهام الشارع لأمن مهام الطبيب أو السلطات الصحية، ومن منطلق الالتزام الخلقي أن تكون مواطن إفشاء السر معلنة للناس، موضحة لهم دائماً من قبل المهنة الطبية؛ حتى لا يظن الناس بها غرراً مقصوداً أو غير مقصود.
ولكن هناك حالات في الشريعة الإسلامية يكون فيها إفشاء السر واجباً، وذلك في الحالة التي يكون فيها كتم السر مؤدياً إلى مفسدة، فإذا عهد شخص بسر إلى آخر، مضمونه ارتكاب جريمة زنا أو سرقة أو قتل، أو حيازة رخصة قيادة مع ضعف البصر الشديد؛ فعلى من عرف هذا السر أن يفشيه، فقد يكون في إفشائه مصلحة ترجى عسى من سمع بالخبر قبل وقوع المفسدة يهب لمنع تلك المفسدة، أو إذا وقعت تلك المفسدة يساعد على كشف الحقيقة للمصلحة العامة، كما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:((المجالس بالأمانة إلا ثلاثة: مجلس سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق)) (١) .
هذا وقد ورد في ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية المنعقدة في الكويت بتاريخ العشرين من شعبان لعام ألف وأربعمائة وسبعة للهجرة الموافق الثامن عشر من إبريل لعام ألف وتسعمائة وسبع وثمانين بحث قيم للدكتور محمد سليمان الأشقر خبير الموسوعة الفقهية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية حول إفشاء السر في الشريعة الإسلامية، أورده بكامله لما له من أهمية في موضوعنا.