للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثار تعاطي المخدرات:

أشرنا فيما سبق إلى أن الفقهاء، قد قاسوا النباتات المخدرة على الخمر في الحرمة؛ لأنها تغطي العقل مثلها، وإذا كانت الخمر أشد فتكاً في الجسم من مرض السل، فإن المواد المعروفة الآن بالمخدرات كالحشيش، والأفيون والكوكايين، لها من المضار الصحية والعقلية والروحية والاقتصادية والاجتماعية فوق ما للخمر.

قال ابن عابدين: قال ابن البيطار: (ومن القنب الهندي نوع يسمى الحشيشة يسكر جداً إذا تناول منه قدر درهم أو درهمين، حتى إن من أكثر منه أخرجه إلى حد الرعونة، وقد استعمله قوم فاختلت عقولهم، وربما قتلت، بل نقل ابن حجر عن بعض العلماء أن في أكل الحشيشة مئة وعشرين مضرة دينية ودنيوية) .

كما قال عن الأفيون: إنه يكرب ويسقط الشهوتين إذا استمر عليه، ويقتل إذا تعاطى منه قدر درهمين، ومتى زاد أكله على أربعة أيام ولاء اعتاده، بحيث يفضي تركه إلى موته؛ لأنه يخرق الأغشية خروقاً لا يسدها غيره، كما ذكر داود الأنطاكي في تذكرته. (١)

ويقول الإمام ابن تيمية: هذه الحشيشة الملعونة تورث آكلها قلة الغيرة، وزوال الحمية، حتى يصير آكلها إما ديوثاً، وإما مأبوناً، وإما كلاهما.

وقد جعلت خلقاً كثيرا مجانين، وتجعل الكبد مثل السفنج، ومن لم يجن من تعاطيها، فقد أعطته نقص العقل، ولو صحا منها، فإنه لا بد أن يكون في عقله خبل، ثم إن كثيرها يسكر. (٢)

وهذه الآثار العقلية والخلقية والاجتماعية للمخدرات قد أثبتها الطب الحديث، مما دعا بالحكومات كلها إلى تحريم تعاطيها والاتجار فيها، وفرض العقوبات المشددة على من يخالف ذلك.


(١) حاشية ابن عابدين (٥/٤٠٥) ، وقد وردت عبارة ابن عابدين نفسها في الروض النضير (٤/١٦٣)
(٢) فتاوى ابن تيمية (٤/٢٧٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>