للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضمين الطبيب الجاهل بالطب:

روى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك، فهو ضامن)) . (١)

أي أن من تعاطى علم الطب وأعماله، وهو لا يعرفه معرفة جيدة، فهو ضامن لما أتلفه، فإن أتلف عضواً كانت عليه ديته، وإن أتلف الجسم كله ضمن دية النفس.

وهذا محل اتفاق بين العلماء.

قال الإمام الخطابي: لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض، كان ضامناً، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه متعد، فإذا تولد من فعله التلف، ضمن الدية.

وجناية المتطبب على عاقلته في قول عامة الفقهاء. (٢)

مسؤولية الطبيب الحاذق:

بينا في الفقرة السابقة، مسؤولية الطبيب الجاهل، وذكرنا اتفاق أهل العلم على تضمينه الضرر المترتب على فعله.

ونتكلم الآن في هذه الفقرة على مسؤولية الطبيب الحاذق، بيد أننا قبل أن نأخذ فيما نحن بسبيله، نذكر الضوابط التي وضعها الفقهاء فيمن يباح له مباشرة الطب ونوجزها فيما يلي:

١- أن يكون المعالج من ذوي الحذق في صناعته، وله بها بصارة ومعرفة.

٢- أن يكون الباعث على عمله، علاج المريض وشفاءه، فإذا حدث أن طلب شخص منه أن يقطع له جزءاً سليماً من جسمه، حتى يعفى من الخدمة العسكرية حقت عليه المؤاخذة.

٣- يجب أن تكون أعماله على وفق الرسم المعتاد، أي موافقة للقواعد الطبية التي تتبع في كل حادثة على حدتها.

٤- إذن المريض، فإنه يشترط أن تكون المعالجة بناء على إذن المريض أو وليه، ولا بد أن يكون حراً بالغاً عاقلاً، فإن لم يأذن له وعالجه دون إذن ضمن ما جنت يداه، لخروج عمله من دائرة الإباحة إلى دائرة التعدي. (٣)

هذا فضلاً عن أن من حق المريض، أن يختار الطبيب الذي يعالجه؛ لأن الثقة بين المريض والطبيب لها تأثيرها في الشفاء، ذلك إذا كان المريض في حالة صحية تسمح له بذلك.


(١) مضى تخريج هذا الحديث قريباً
(٢) انظر شرح السنة للبغوي (١٠/٣٤١) ؛ والمغني لابن قدامة (١٠/٣٤٩) ، والطب النبوي لابن قيم الجوزية ص (١٣٥) طبع دار الحياة في بيروت، وزاد المعاد (٤/١٣٩) طبع مؤسسة الرسالة في بلاد الشام.
(٣) المغني لابن قدامة (٦/١٢٠) ؛ وشرح الزهار (٣/٢٨٣) ؛ وكشاف القناع (٣/٤٧٣) ؛ وحاشية الطحاوي (٤/٢٧٥) ؛ وجامع الفصولين (١/٨٣) ؛ والمحلى (١٠/٤٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>